للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى سِتَّةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ مَأْثُورٌ، لَا أَنْ يَسْمَعَ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ فَيَأْتِيَ بِالْكُلِّ (وَيُوَالِي) نَدْبًا (بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ) وَيَقْرَأُ كَالْجُمُعَةِ

(وَلَوْ أَدْرَكَ) الْمُؤْتَمُّ (الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ)

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْحَنَفِيَّ إذَا اقْتَدَى بِشَافِعِيٍّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ فَهُوَ غَيْرُ مَنْسُوخٍ لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ بِهِ أَئِمَّةُ بَلْخٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْجَنَائِزِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي أَوَاخِرِ بَحْثِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتْحِ قِيلَ: يُتَابِعُهُ إلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ إلَى سِتَّ عَشْرَةَ. اهـ.

قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْقَوْلِ الثَّانِي حَمْلُ الثَّلَاثَ عَشْرَةَ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الزَّوَائِدِ كَمَا مَرَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهِيَ مَعَ الثَّلَاثِ الْأَصْلِيَّةِ تَصِيرُ سِتَّ عَشْرَةَ وَإِلَّا لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الزَّوَائِدَ سِتَّ عَشْرَةَ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ رَاجَعْت مَجْمَعَ الْآثَارِ لِلْإِمَامِ الطَّحَاوِيِّ فَلَمْ أَرَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَكْثَرَ مِمَّا مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهَذَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَلِذَا قَدَّمَهُ فِي الْفَتْحِ وَنَسَبَهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى عَامَّةِ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ ضَمَّ الثَّلَاثِ الْأَصْلِيَّةِ إلَى الزَّوَائِدِ بَعِيدٌ جِدًّا لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَيَأْتِي بِالْكُلِّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ فَإِنْ زَادَ لَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ لِأَنَّهُ مُخْطِئٌ بِيَقِينٍ، وَلَوْ سَمِعَ التَّكْبِيرَاتِ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ يَأْتِي بِالْكُلِّ احْتِيَاطًا وَإِنْ كَثُرَ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ، وَلِذَا قِيلَ: يَنْوِي بِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ الِافْتِتَاحَ لِاحْتِمَالِ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِ قِيلَ لِضَعْفِهِ؛ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ الْإِمَامِ يَنْوِي الِافْتِتَاحَ بِالثَّلَاثِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، فَإِنَّ احْتِمَالَ الْغَلَطِ وَالتَّقَدُّمِ مَوْجُودٌ فِي الْكُلِّ لَا فِي خُصُوصِ الزَّائِدِ عَلَى الْمَأْثُورِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَتَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنَّهُ يَنْوِي فِيهَا الِافْتِتَاحَ بِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ أَيْضًا وَيَأْتِي تَمَامُ الْبَحْثِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَيُوَالِي نَدْبًا بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يُكَبِّرَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ لِتَكُونَ قِرَاءَتُهَا تَالِيَةً لِقِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، أَمَّا لَوْ كَبَّرَ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ أَيْضًا كَمَا يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَكُونُ التَّكْبِيرُ فَاصِلًا بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: نَدْبًا إلَى أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ فِي أَوَّلِ كُلِّ رَكْعَةٍ جَازَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ. هَذَا، وَأَمَّا مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ التَّعْلِيلِ لِلْمُوَالَاةِ بِأَنَّ التَّكْبِيرَاتِ مِنْ الشَّعَائِرِ؛ وَلِهَذَا وَجَبَ الْجَهْرُ بِهَا فَوَجَبَ ضَمُّ الزَّوَائِدِ فِي الْأُولَى إلَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ لِسَبْقِهَا عَلَى تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَإِلَى تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ الثُّبُوتُ لَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ مُسْتَحَبَّةٌ اهـ وَكَذَا قَوْلُهُ وَجَبَ الْجَهْرُ بِهَا: أَيْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا فِي الْأَذَانِ وَالتَّكْبِيرِ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى وَتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ، وَأَمَّا الْجَهْرُ فِي تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ فَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهُ لِلْإِمَامِ فَقَطْ لِلْإِعْلَامِ فَتَأَمَّلْ.

لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ إنْ بَدَأَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ سَهْوًا فَتَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ إلَّا الْفَاتِحَةَ كَبَّرَ وَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ لُزُومًا لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إذَا لَمْ تَتِمَّ كَانَ امْتِنَاعًا مِنْ الْإِتْمَامِ لَا رَفْضًا لِلْفَرْضِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْكَبِيرِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَاجِبٌ، وَإِلَّا لَمْ تُرْفَضْ الْفَاتِحَةُ لِأَجْلِهِ يُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَبَّرَ وَبَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ وَنَسِيَ الثَّنَاءَ وَالتَّعَوُّذَ وَالتَّسْمِيَةَ لَا يُعِيدُ لِفَوْتِ مَحَلِّهَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعَوْدَ إلَى التَّكْبِيرِ قَبْلَ إتْمَامِ الْقِرَاءَةِ لَيْسَ لِأَجْلِ الْمُسْتَحَبِّ الَّذِي هُوَ الْمُوَالَاةُ بَلْ لِأَجْلِ اسْتِدْرَاكِ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ التَّكْبِيرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَ الْقِرَاءَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ يَتْرُكُهُ فَكَانَ مِثْلَ مَا لَوْ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ، وَشَرَعَ فِي السُّورَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ يَتْرُكُ السُّورَةَ، وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ لِوُجُوبِهَا بِخِلَافِ الثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ كَالْجُمُعَةِ) أَيْ كَالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، لِمَا رَوَى أَبُو حَنِيفَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأَعْلَى وَالْغَاشِيَةَ» كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ تَبَرَّكَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِرَاءَتِهِمَا فِي أَغْلَبِ الْأَوْقَاتِ فَحَسَنٌ لَكِنْ يُكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَهُمَا حَتْمًا لَا يَقْرَأُ فِيهَا غَيْرَهُمَا لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْجُمُعَةِ اهـ وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ هُنَا

(قَوْلُهُ فِي الْقِيَامِ) أَيْ الَّذِي قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>