للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَكَلَ لَمْ يُكْرَهْ أَيْ تَحْرِيمًا (وَيُعَلِّمُ الْأُضْحِيَّةَ وَتَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ) فِي الْخُطْبَةِ (وَوُقُوفَ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي غَيْرِهَا تَشْبِيهًا بِالْوَاقِفِينَ لَيْسَ بِشَيْءٍ) هُوَ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ أَنْوَاعَ الْعِبَادَةِ مِنْ فَرْضٍ وَوَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ فَيُفِيدُ الْإِبَاحَةَ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ كَذَا فِي مِسْكِينٍ. وَقَالَ الْبَاقَانِيُّ: لَوْ اجْتَمَعُوا لِشَرَفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِسَمَاعِ الْوَعْظِ بِلَا وُقُوفٍ وَكَشْفِ رَأْسٍ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ اتِّفَاقًا

(وَيَجِبُ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ) فِي الْأَصَحِّ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ ثُبُوتُ الْكَرَاهَةِ إذْ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ خَاصٍّ

(قَوْلُهُ لَمْ يُكْرَهْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ ثُبُوتُ الْكَرَاهَةِ، إذْ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ خَاصٍّ. اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ تَحْرِيمًا) تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ النَّهْرِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى ثُبُوتِ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْبَحْرِ وَلِقَوْلِ الْبَدَائِعِ إنْ شَاءَ ذَاقَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَذُقْ وَالْأَدَبُ أَنْ لَا يَذُوقَ شَيْئًا إلَى وَقْتِ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى يَكُونَ تَنَاوُلُهُ مِنْ الْقَرَابِينِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْخُطْبَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُعَلِّمُ وَيَنْبَغِي تَعْلِيمُ تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ فِي الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَ عِيدِ الْأَضْحَى لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: يَوْمَ عَرَفَةَ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ لِأَنَّ عَرَفَةَ اسْمُ الْيَوْمِ وَعَرَفَاتٍ اسْمُ الْمَكَانِ شُرُنْبُلَالِيَّةُ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ عَرَفَةَ، وَأَرَادَ بِهَا الْمَكَانَ تَجَوُّزًا وَالْمُرَادُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ اجْتِمَاعُهُمْ عَشِيَّةَ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي الْجَوَامِعِ أَوْ فِي مَكَان خَارِجِ الْبَلَدِ يَتَشَبَّهُونَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ) لَعَلَّهُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ النِّهَايَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْبَصْرَةِ. اهـ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مُقَابِلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأُصُولِ الْكَرَاهَةُ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ الْأَوْلَى حَسْمًا لِمَفْسَدَةٍ اعْتِقَادِيَّةٍ تُتَوَقَّعُ مِنْ الْعَوَامّ وَنَفْسُ الْوُقُوفِ وَكَشْفُ الرُّءُوسِ يَسْتَلْزِمُ التَّشَبُّهَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ عَرَضَ لِلْوُقُوفِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَبَبٌ يُوجِبُهُ كَالِاسْتِسْقَاءِ مَثَلًا لَا يُكْرَهُ، أَمَّا قَصْدُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْخُرُوجِ فِيهِ فَهُوَ مَعْنَى التَّشَبُّهِ إذَا تَأَمَّلْت. وَفِي جَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ: لَوْ اجْتَمَعُوا لِشَرَفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ جَازَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ بِلَا وُقُوفٍ وَكَشْفٍ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّحِيحَ الْكَرَاهَةُ كَمَا فِي الدُّرَرِ بَلْ فِي الْبَحْرِ أَنَّ ظَاهِرَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ وَفِي النَّهْرِ أَنَّ عِبَارَاتِهِمْ نَاطِقَةٌ بِتَرْجِيحِ الْكَرَاهَةِ وَشُذُوذِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَاقَانِيُّ إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ آخِرِ عِبَارَةِ الْفَتْحِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ هُوَ الْخُرُوجُ مَعَ الْوُقُوفِ وَكَشْفِ الرُّءُوسِ بِلَا سَبَبٍ مُوجِبٍ كَاسْتِسْقَاءٍ أَمَّا مُجَرَّدُ الِاجْتِمَاعِ فِيهِ عَلَى طَاعَةٍ بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ.

مَطْلَبٌ فِي تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ) نُقِلَ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ التَّشْرِيقَ تَقْدِيدُ اللَّحْمِ وَبِهِ سُمِّيَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ. وَنَقَلَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ التَّكْبِيرُ فَكَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي، وَالْإِضَافَةُ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ أَيْ التَّكْبِيرُ الَّذِي هُوَ التَّشْرِيقُ. وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنَّ الْإِضَافَةَ عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَهُ وَتَمَامُهُ فِي الْأَحْكَامِ لِلشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ سُنَّةٌ وَصُحِّحَ أَيْضًا لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى الْوُجُوبِ وَحُرِّرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ وَالْوَاجِبَ مُتَسَاوِيَانِ رُتْبَةً فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِثْمِ بِالتَّرْكِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>