للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا (وَلَا يُقَصُّ ظُفْرُهُ) إلَّا الْمَكْسُورُ (وَلَا شَعْرُهُ) وَلَا يُخْتَنُ، وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِ الْقُطْنِ عَلَى وَجْهِهِ، وَفِي مَخَارِقِهِ كَدُبُرٍ وَقُبُلٍ وَأُذُنٍ وَفَمٍ، وَيُوضَعُ يَدَاهُ فِي جَانِبَيْهِ لَا عَلَى صَدْرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْكُفَّارِ ابْنُ مَالِكٍ

(وَيُمْنَعُ زَوْجُهَا مِنْ غُسْلِهَا وَمَسِّهَا لَا مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ) مُنْيَةٌ.

وَقَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: يَجُوزُ لِأَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.

قُلْنَا: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي» مَعَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ أَنْكَرَ عَلَيْهِ شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِلْعَيْنِيِّ (وَهِيَ لَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ)

ــ

[رد المحتار]

الْأَعْضَاءِ فَتَخْتَصُّ بِزِيَادَةِ كَرَامَةٍ، وَصِيَانَةً لَهَا عَنْ سُرْعَةِ الْفَسَادِ دُرَرٌ

(قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا) لِمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ أَنَّ التَّزْيِينَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَالِامْتِشَاطَ وَقَطْعَ الشَّعْرِ لَا يَجُوزُ نَهْرٌ، فَلَوْ قُطِعَ ظُفْرُهُ أَوْ شَعْرُهُ أُدْرِجَ مَعَهُ فِي الْكَفَنِ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الْعَتَّابِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ إلَخْ) كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَيْسَ فِي الْغُسْلِ اسْتِعْمَالُ الْقُطْنِ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي مَنْخِرَيْهِ وَفَمِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي صِمَاخِهِ أَيْضًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي دُبُرِهِ أَيْضًا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَاسْتَقْبَحَهُ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ اهـ لَكِنْ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَإِطْلَاقُ أَنَّهُ قَبِيحٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُمْنَعُ زَوْجُهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْغَاسِلِ أَنْ يَحِلَّ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْمَغْسُولِ فَلَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَبِالْعَكْسِ. اهـ. وَسَيَأْتِي مَا إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ بَيْنَ رِجَالٍ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ أَوْ لِجَوَازِهِ لَا لِصِحَّتِهِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ) عَزَاهُ فِي الْمِنَحِ إلَى الْقُنْيَةِ، وَنَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ يَمَّمَهَا بِيَدِهِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَبِخِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ وَيَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ ذِرَاعِهَا وَكَذَا الرَّجُلُ فِي امْرَأَتِهِ إلَّا فِي غَضِّ الْبَصَرِ اهـ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ النَّظَرَ أَخَفُّ مِنْ الْمَسِّ فَجَازَ لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ قُلْنَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنِّفِهِ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - غَسَّلَتْهَا أُمُّ أَيْمَنَ حَاضِنَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَضِيَ عَنْهَا فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ الْغُسْلِ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى مَعْنَى التَّهْيِئَةِ وَالْقِيَامِ التَّامِّ بِأَسْبَابِهِ، وَلَئِنْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَةُ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ، أَلَا تَرَى «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: أَمَا عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ فَاطِمَةَ زَوْجَتُك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» فَادِّعَاؤُهُ الْخُصُوصِيَّةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَهُمْ عَدَمُ الْجَوَازِ اهـ. مَطْلَبٌ فِي حَدِيثِ «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي»

قُلْت: وَيَدُلُّ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ أَيْضًا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ السَّبَبَ فِيهِ بِالْإِسْلَامِ وَالتَّقْوَى، وَالنَّسَبَ بِالِانْتِسَابِ وَلَوْ بِالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ الْمُرَادِ بِالسَّبَبِ الْقَرَابَةَ السَّبَبِيَّةَ كَالزَّوْجِيَّةِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَبِالنَّسَبِ الْقَرَابَةَ النَّسَبِيَّةَ لِأَنَّ سَبَبِيَّةَ الْإِسْلَامِ وَالتَّقْوَى لَا تَنْقَطِعُ عَنْ أَحَدٍ فَبَقِيَتْ الْخُصُوصِيَّةُ فِي سَبَبِهِ وَنَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَتَزَوَّجْت أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ لِذَلِكَ.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: ١٠١] فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّافِعِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا» أَيْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا إنْ مَلَّكَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَنْفَعُ الْأَجَانِبَ بِشَفَاعَتِهِ لَهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَذَا الْأَقَارِبُ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي رِسَالَتِنَا [الْعِلْمِ الظَّاهِرِ فِي نَفْعِ النَّسَبِ الطَّاهِرِ] (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ تَغْسِيلِ زَوْجِهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>