لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ أَيْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا لَا الْعُقْبَى، لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ. (وَلَوْ سُبِيَ بِدُونِهِ) فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلدَّارِ أَوْ لِلسَّبْيِ
ــ
[رد المحتار]
مَعَهُمَا، وَالْمَجْنُونُ الْبَالِغُ كَالصَّبِيِّ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الصَّبِيِّ مُمَيِّزًا أَوْ لَا، وَلَا بَيْنَ مَوْتِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِ، وَلَا بَيْنَ كَوْنِ السَّابِي مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ الْأَبَوَيْنِ لَا عِبْرَةَ لِلدَّارِ وَلَا لِلسَّابِي، بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إلَى الْبُلُوغِ مَا لَمْ يُحْدِثْ إسْلَامًا وَهُوَ مُمَيِّزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ. اهـ. ح. وَقَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ فِي فَصْلِ الْحَاكِمِ بَعْدَ ذِكْرِهِ التَّبَعِيَّةَ مَا نَصُّهُ: الَّذِي فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ: وَيَسْتَوِي فِيمَا قُلْنَا أَنْ يَعْقِلَ أَوْ لَا يَعْقِلَ إلَى هَذَا أَشَارَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، فَلَا جَرْمَ أَنْ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يُجْعَلُ مُسْلِمًا تَبَعًا سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ عَاقِلًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا اهـ. وَذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَوْ سُبِيَ مَعَ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ بَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) تَصْرِيحٌ بِالْمَقْصُودِ مِنْ التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: لَا الْعُقْبَى) وَإِلَّا كَانُوا فِي النَّارِ مِثْلَهُمْ، وَهُوَ أَحَدُ مَا قِيلَ فِيهِمْ. وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ ط وَقَدَّمْنَا تَمَامَهُ فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سُبِيَ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ح.
قُلْت: الْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ مَا يَشْمَلُ الْحُكْمِيَّةَ، لِمَا فِي سِيَرِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: وَلَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَ الْإِسْلَامِ ذِمِّيًّا ثُمَّ سُبِيَ ابْنُهُ لَا يَصِيرُ الِابْنُ مُسْلِمًا بِالدَّارِ. اهـ. وَفِيهِ: وَإِذَا سَبَى الْمُسْلِمُونَ صِبْيَانَ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَهُمْ بَعْدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَدَخَلَ آبَاؤُهُمْ دَارَ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمُوا فَأَبْنَاؤُهُمْ صَارُوا مُسْلِمِينَ بِإِسْلَامِ آبَائِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يُسْلِمْ أَبُوهُ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلدَّارِ) أَيْ إنْ كَانَ السَّابِي ذِمِّيًّا، أَوْ لِلسَّابِي إنْ كَانَ مُسْلِمًا، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَاقْتَصَرَ فِي الْبَحْرِ عَلَى تَبَعِيَّةِ الدَّارِ، قَالَ: لِأَنَّ فَائِدَةَ تَبَعِيَّةِ السَّابِي إنَّمَا تَظْهَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، بِأَنْ وَقَعَ صَبِيٌّ فِي سَهْمِ رَجُلٍ وَمَاتَ الصَّبِيُّ يُصَلَّى عَلَيْهِ تَبَعًا لِلسَّابِي، وَالْكَلَامُ فِي السَّبْيِ، وَهُوَ لُغَةً الْأَسْرَى الْمَحْمُولُونَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ حَتَّى يُسَمَّى سَبْيًا وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ. أَقُولُ: لَكِنْ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ أَنَّهُ يُقَالُ: سَبَيْت الْعَدُوَّ سَبْيًا إذَا أَسَرْته فَهُوَ سَبْيٌ وَهِيَ سَبْيٌ، وَيُقَالُ سَبَيْت الْخَمْرَ سَبْيًا إذَا حَمَلْتهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَهِيَ سَبِيَّةٌ اهـ فَجَعَلَا الْحَمْلَ قَيْدًا فِي الْخَمْرَةِ دُونَ الْأَسِيرِ تَأَمَّلْ، نَعَمْ ذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي أَوَاخِرِ شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ شَرْطًا خَارِجًا عَنْ مَفْهُومِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ سُبِيَ وَحْدَهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَصِيرُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِلدَّارِ أَوْ يَقْسِمُ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ، أَوْ يَبِيعُهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيَصِيرُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِلْمَالِكِ لِأَنَّ تَأْثِيرَ التَّبَعِيَّةِ لِلْمَالِكِ فَوْقَ تَأْثِيرِ التَّبَعِيَّةِ لِلدَّارِ، فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ ذِمِّيًّا بِأَنْ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ رَضَخَ فَكَذَلِكَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَحَتَّى لَوْ مَاتَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُجْبَرُ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُحْرَزًا بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ مَلَكَهُ بِإِحْرَازِهِمْ إيَّاهُ فَصَارَ تَمَامُ الْإِحْرَازِ بِالْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ كَتَمَامِهِ بِلَا خَرَاجٍ إلَى دَارِنَا؛ وَلَوْ دَخَلَ الذِّمِّيُّ دَارَ الْحَرْبِ مُتَلَصِّصًا وَأَخْرَجَ صَغِيرًا إلَى دَارِنَا فَهُوَ مُسْلِمٌ يُجْبَرُ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَهُ بِالْإِحْرَازِ بِدَارِنَا فَصَارَ كَالْمُنَفَّلِ بِأَنْ قَالَ الْأَمِيرُ مَنْ أَصَابَ رَأْسًا فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ الذِّمِّيُّ صَغِيرًا لَيْسَ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَهُ بِمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ الذِّمِّيُّ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى صَغِيرًا مِنْ مَمَالِيكِهِمْ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْعَقْدِ لَا بِمَنْعَتِنَا، فَإِذَا أَخْرَجَهُ إلَيْنَا لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، أَمَّا لَوْ كَانَ الشَّارِي مِنْهُمْ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا وَحْدَهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَتَبَعِيَّةُ الْمَالِكِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي هَذَا، فَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسْلِمًا فَالْمَمْلُوكُ مِثْلُهُ تَبَعًا لَهُ أَوْ ذِمِّيًّا فَهُوَ مِثْلُهُ اهـ مُلَخَّصًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute