للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَقُولُ: إنَّهُ خَرَجَ بِاشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ لِلْكَامِلِ، وَدَخَلَ مَا مَلَك بِسَبَبٍ خَبِيثٍ كَمَغْصُوبٍ خَلَطَهُ إذَا كَانَ لَهُ غَيْرُهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ يُوَفِّي دَيْنَهُ (فَارِغٍ عَنْ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ) سَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ كَزَكَاةٍ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَخَرَجَ أَيْضًا نَحْوُ الْمَالِ الْمَفْقُودِ وَالسَّاقِطِ فِي. ر وَمَغْصُوبٌ لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَمَدْفُونٌ فِي بَرِّيَّةٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إذَا عَادَ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ رَقَبَةً لَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا كَمَا فِي الْبَحْرِ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْآبِقُ الْمُعَدُّ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ أَقُولُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ: تَامٌّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ فِي صَدَدِ تَعْرِيفِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَلَا بُدَّ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ كَوْنِهِ جَامِعًا مَانِعًا، فَلَوْ أَطْلَقَ الْمِلْكَ عَنْ قَيْدِ التَّمَامِ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُكَاتَبِ، وَذِكْرُ الْحُرِّيَّةِ فِي بَيَانِ الشَّرْطِ لَا يُخْرِجُ تَعْرِيفَ السَّبَبِ عَنْ كَوْنِهِ نَاقِصًا فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ إلَخْ) زِيَادَةُ تَرَقٍّ فِي بَيَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ قَيْدِ التَّمَامِ: أَيْ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ مَالَ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَخْرُجْ بِاشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَصَدَ إخْرَاجَهُ وَإِخْرَاجَ غَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ يَخْرُجُ بِإِطْلَاقِ الْمِلْكِ لِانْصِرَافِهِ إلَى الْكَامِلِ، وَالْمِلْكُ الْكَامِلُ هُوَ التَّامُّ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ عِنَايَةٌ يُعْتَذَرُ بِهَا عِنْدَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْقَيْدِ دَفْعًا لِاعْتِرَاضِ الْمُعْتَرِضِ، فَإِنَّ الْمُطْلَقَ كَثِيرًا مَا يُرَادُ مِنْهُ إطْلَاقُهُ بَلْ هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ كَمَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، فَالتَّصْرِيحُ بِالْقَيْدِ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ الْإِطْلَاقُ أَحْسَنُ وَلَا سِيَّمَا فِي مَقَامِ التَّفْهِيمِ وَتَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَصْدِ الِاحْتِرَازِ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَلِذَا ذُكِرَ فِي الْمُتُونِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الِاخْتِصَارِ كَالْغُرَرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَدَخَلَ) أَيْ فِي مِلْكِ النِّصَابِ الْمَذْكُورِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: مَا مُلِكَ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّ خَلْطَ دَرَاهِمِهِ بِدَرَاهِمِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ اسْتِهْلَاكٌ، أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا ضَمَانَ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الضَّمَانِ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَالٌ مُشْتَرَكٌ، وَإِنَّمَا يُورَثُ حِصَّةُ الْمَيِّتِ مِنْهُ فَتْحٌ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَلَا زَكَاةَ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمَمْلُوكِ شِرَاءً فَاسِدًا اهـ وَالْمُرَادُ بِالْمَغْصُوبِ مَا لَمْ يَخْلِطْهُ بِغَيْرِهِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ. وَأَمَّا الْمَمْلُوكُ شِرَاءً فَاسِدًا فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ قَبْلَ قَبْضِهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَبَعْدَهُ مَمْلُوكٌ مِلْكًا تَامًّا وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقَّ الْفَسْخِ فَتَأَمَّلْ، وَقُيِّدَ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ غَيْرُهُ إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ يَكُونُ مَشْغُولًا بِالدَّيْنِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَلَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ مَا لَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِمَا فِي السِّرَاجِ: لَا يُصْرَفُ الدَّيْنُ لِمِلْكٍ آخَرَ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالِانْفِصَالِ غَيْرُ لَازِمٍ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْغَنَمِ (قَوْلُهُ فَارِغٍ عَنْ دَيْنٍ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ نِصَابٍ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الدَّيْنَ الْعَارِضَ كَمَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَلَوْ لَحِقَهُ بَعْدَهُ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُسْقِطُهَا مَا لَحِقَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ: لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ) أَيْ طَلَبًا وَاقِعًا مِنْ جِهَتِهِمْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ كَزَكَاةٍ) فَلَوْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ حَالَ عَلَيْهِ حَوْلَانِ وَلَمْ يُزَكِّهِ فِيهِمَا لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ النِّصَابَ بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ اسْتَفَادَ نِصَابًا آخَرَ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ فِي الْمُسْتَفَادِ لِاشْتِغَالِ خَمْسَةٍ مِنْهُ بِدَيْنِ الْمُسْتَهْلِكِ؛ أَمَّا لَوْ هَلَكَ يُزَكِّي الْمُسْتَفَادَ لِسُقُوطِ زَكَاةِ الْأَوَّلِ بِالْهَلَاكِ بَحْرٌ، وَالْمَطَالِبُ هُنَا السُّلْطَانُ تَقْدِيرًا لِأَنَّ الطَّلَبَ لَهُ فِي زَكَاةِ السَّوَائِمِ وَكَذَا فِي غَيْرِهَا، لَكِنْ لَمَّا كَثُرَتْ الْأَمْوَالُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلِمَ أَنَّ فِي تَتَبُّعِهَا ضَرَرًا بِأَصْحَابِهَا رَأَى

الْمَصْلَحَةَ

فِي تَفْوِيضِ الْأَدَاءِ إلَيْهِمْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَصَارَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ كَالْوُكَلَاءِ عَنْ الْإِمَامِ، وَلَمْ يُبْطِلْ حَقَّهُ عَنْ الْأَخْذِ، وَلِذَا قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ عُلِمَ مِنْ أَهْلِ بَلْدَةٍ أَنَّهُمْ لَا يُؤَدُّونَ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّهُ يُطَالِبُهُمْ وَإِلَّا فَلَا لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ بَدَائِعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>