للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا كَمَا لَوْ أَسَامَهَا لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَلَعَلَّهُمْ تَرَكُوا ذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِمْ بِالْحُكْمَيْنِ (فَلَوْ عَلَفَهَا نِصْفَهُ لَا تَكُونُ سَائِمَةً) فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِلشَّكِّ فِي الْمُوجِبِ

(وَيَبْطُلُ حَوْلُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِجَعْلِهَا لِلسَّوْمِ) لِأَنَّ زَكَاةَ السَّوَائِمِ وَزَكَاةَ التِّجَارَةِ مُخْتَلِفَانِ قَدْرًا وَسَبَبًا، فَلَا يُبْنَى حَوْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (فَلَوْ اشْتَرَى لَهَا) أَيْ لِلتِّجَارَةِ

ــ

[رد المحتار]

مِنْ اعْتِبَارِ السِّمَنِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَ الْمُحِيطِ أَنَّ السِّمَنَ لَا لِأَجْلِ اللَّحْمِ بَلْ لِغَرَضٍ آخَرَ مِثْلِ أَنْ لَا تَمُوتَ فِي الشِّتَاءِ مِنْ الْبَرْدِ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ. اهـ. ح أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ أَوْ الْمَشَايِخِ ط وَبِهِ جَزَمَ الرَّحْمَتِيُّ. أَقُولُ: عِبَارَةُ الْبَدَائِعِ هَكَذَا: نِصَابُ السَّائِمَةِ لَهُ صِفَاتٌ: مِنْهَا كَوْنُهُ مُعَدًّا لِلْإِسَامَةِ لِلدُّرِّ وَالنَّسْلِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَالَ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالُ النَّامِي، وَالْمَالُ النَّامِي فِي الْحَيَوَانِ بِالْإِسَامَةِ؛ إذْ بِهِ يَحْصُلُ النَّسْلُ فَيَزْدَادُ الْمَالُ، فَإِنْ أُسِيمَتْ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ أَوْ اللَّحْمِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا. اهـ. فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الزَّكَاةَ مَنُوطَةٌ بِالْإِسَامَةِ لِأَجْلِ النُّمُوِّ أَيْ الزِّيَادَةِ فَيَشْمَلُ الْإِسَامَةَ لِأَجْلِ السِّمَنِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِيهَا، ثُمَّ تَفْرِيعُهُ عَلَى ذَلِكَ بِإِخْرَاجِ مَا إذَا أُسِيمَتْ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ أَوْ اللَّحْمِ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِاللَّحْمِ السِّمَنَ، وَإِلَّا كَانَ كَلَامًا مُتَنَاقِضًا لِأَنَّ اللَّحْمَ زِيَادَةٌ، وَلَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ فِي صَدَدِ كَلَامٍ وَاحِدٍ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّحْمِ الْأَكْلُ أَيْ إذَا أَسَامَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَهَا هُوَ وَأَضْيَافُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسَامَهَا لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ؛ إذْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِسَامَةِ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّمُوِّ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِعْرَاجِ مَا نَصَّهُ: لَهُ غَنَمٌ لِلتِّجَارَةِ نَوَى أَنْ تَكُونَ لِلَّحْمِ فَذَبَحَ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً أَوْ سَائِمَةً نَوَاهَا لِلْحُمُولَةِ فَهِيَ لِلَّحْمِ وَالْحُمُولَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اهـ وَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَسَامَهَا لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ) لِأَنَّهَا تَصِيرُ كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُمْ تَرَكُوا ذَلِكَ) أَيْ تَرَكَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ مِنْ تَعْرِيفِ السَّائِمَةِ مَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ وَالْمُحِيطِ لِتَصْرِيحِهِمْ أَيْ تَصْرِيحِ التَّارِكِينَ لِذَلِكَ بِالْحُكْمَيْنِ: أَيْ بِحُكْمِ مَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ مِنْ الْعُرُوضِ الشَّامِلَةِ لِلْحَيَوَانَاتِ وَبِحُكْمِ الْمُسَامَةِ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ، وَهُوَ وُجُوبُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فِي الْأَوَّلِ، وَعَدَمُهُ فِي الثَّانِي، فَلَا يَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِهِمْ بِأَنَّهَا الْمُكْتَفِيَةُ بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ الْعَامِ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُحِيطِ مَلْحُوظَانِ فِي التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ بِقَرِينَةِ التَّصْرِيحِ الْمَزْبُورِ، فَلَا يَكُونُ تَعْرِيفًا بِالْأَعَمِّ، عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ بِالْأَعَمِّ إنَّمَا لَا يَصِحُّ عَلَى رَأْيِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمِيزَانِ، وَإِلَّا فَالْمُتَقَدِّمُونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى جَوَازِهِ، وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُ النَّهْرِ: إنَّ هَذَا غَيْرُ دَافِعٍ؛ إذْ التَّعْرِيفُ بِالْأَعَمِّ لَا يَصِحُّ وَلَا يَنْفَعُ فِيهِ ذِكْرُ الْحُكْمَيْنِ بَعْدَهُ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِلشَّكِّ فِي الْمُوجِبِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ كَوْنُهَا سَائِمَةً، فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِكَوْنِهَا سَبَبًا لِلْوُجُوبِ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: الْعَلَفُ الْيَسِيرُ لَا يَزُولُ بِهِ اسْمُ السَّوْمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْحُكْمِ، وَإِذَا كَانَ مُقَابِلُهُ كَثِيرًا بِالنِّسْبَةِ كَانَ هُوَ يَسِيرًا، وَالنِّصْفُ لَيْسَ بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّصْفِ كَثِيرًا وَلِأَنَّهُ يَقَعُ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِ سَبَبِ الْإِيجَابِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ: مُخْتَلِفَانِ قَدْرًا وَسَبَبًا) لِأَنَّ الْقَدْرَ فِي التِّجَارَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَفِي السَّوَائِمِ مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَالسَّبَبُ فِيهِمَا هُوَ الْمَالُ النَّامِي، لَكِنْ بِشَرْطِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ فِي الْأَوَّلِ وَنِيَّةِ الْإِسَامَةِ لِلدُّرِّ وَالنَّسْلِ فِي الثَّانِي، فَالِاخْتِلَافُ فِي الْحَقِيقَةِ فِي الْقَدْرِ وَالشَّرْطِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ السَّبَبِيَّةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِشَرْطِهَا جَعَلَهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي السَّبَبِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَوْ اشْتَرَى) تَفْرِيعٌ عَلَى الْبَطَلَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>