وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكُسُورِ (وَغَالِبُ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ وَمَا غَلَبَ غِشُّهُ) مِنْهُمَا (يُقَوَّمُ) كَالْعُرُوضِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ إلَّا إذَا كَانَ يَخْلُصُ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ.
وَعِنْدَهُ مَا يَتِمُّ بِهِ أَوْ كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً وَبَلَغَتْ نِصَابًا مِنْ أَدْنَى فَقَدْ تَجِبُ زَكَاتُهُ فَتَجِبُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَاخْتُلِفَ فِي) الْغِشِّ (الْمُسَاوِي وَالْمُخْتَارُ لُزُومُهَا احْتِيَاطًا)
ــ
[رد المحتار]
نَقَلَ بَعْضُ مُحَشِّي الْكِتَابِ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ أَمِينٍ مِيرْغَنِيٍّ أَنَّ السُّرُوجِيَّ نَقَلَ عَنْ الْمُحِيطِ الْخِلَافَ بِالْعَكْسِ وَأَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ غَلَطٌ. اهـ.
قُلْت: وَقَدْ رَاجَعْت الْمُحِيطَ فَرَأَيْته مِثْلَ مَا نَقَلَهُ السُّرُوجِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكُسُورِ) أَيْ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا لَا زَكَاةَ فِي الْكُسُورِ عِنْدَهُ مَا لَمْ تَبْلُغْ الْخُمُسَ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ «لَا تَأْخُذْ مِنْ الْكُسُورِ شَيْئًا» سُمِّيَتْ كُسُورًا بِاعْتِبَارِ مَا يَجِبُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَغَالِبُ الْفِضَّةِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَخْلُو عَنْ قَلِيلِ غِشٍّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْطَبِعُ إلَّا بِهِ فَجُعِلَتْ الْغَلَبَةُ فَاصِلَةً نَهْرٌ، وَمِثْلُهَا الذَّهَبُ ط (قَوْلُهُ: فِضَّةٌ وَذَهَبٌ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، أَيْ فَتَجِبُ زَكَاتُهُمَا لَا زَكَاةُ الْعُرُوضِ وَإِنْ أَعَدَّهُمَا لِلتِّجَارَةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ) أَيْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ إنْ نَوَى فِيهِ التِّجَارَةَ نَهْرٌ وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ بَابِ السَّائِمَةِ شَرْطُ نِيَّةِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُ مَا يَتِمُّ بِهِ) أَيْ مِنْ عُرُوضِ تِجَارَةٍ أَوْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ، وَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ أَقَلُّ ط (قَوْلُهُ: وَبَلَغَتْ) أَيْ بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَدْنَى إلَخْ) فَسَّرَ الْأَدْنَى فِي الْبَدَائِعِ بِاَلَّتِي يَغْلِبُ عَلَيْهَا الْفِضَّةُ، وَقُلْت: يَنْبَغِي تَفْسِيرُهَا بِالْمُسَاوِي عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِهَا فِيهِ كَمَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ) أَيْ فِيمَا غَلَبَ غِشُّهُ إذَا نَوَى فِيهِ التِّجَارَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ وَلَكِنْ يَخْلُصُ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ لَمْ يَخْلُصْ وَلَكِنْ كَانَ أَثْمَانًا رَائِجَةً وَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَخْلُصُ مِنْهُ نِصَابٌ أَوْ كَانَ ثَمَنًا رَائِجًا تَجِبُ زَكَاتُهُ سَوَاءٌ نَوَى التِّجَارَةَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَخْلُصُ مِنْهُ نِصَابٌ تَجِبُ زَكَاةُ الْخَالِصِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ وَعَيْنُ النَّقْدَيْنِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ التِّجَارَةِ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ وَغَيْرِهِ وَكَذَا مَا كَانَ ثَمَنًا رَائِجًا، فَبَقِيَ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ لِمَا سِوَى ذَلِكَ، هَذَا مَا يُعْطِيهِ كَلَامُ الشَّارِحِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، لَكِنْ فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْغَالِبَ غِشُّهُ، إنْ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ فِضَّةً تَخْلُصُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا وَحْدَهَا أَوْ بِالضَّمِّ إلَى غَيْرِهَا. اهـ. وَمُفَادُهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ فِيمَا نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ تَخَلَّصَ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَيَظْهَرُ لِي عَدَمُ الْمُنَافَاةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَخْلُصُ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا تَجِبُ زَكَاةُ ذَلِكَ الْخَالِصِ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْجَوْهَرَةِ إلَّا إذَا نَوَى التِّجَارَةَ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ كُلِّهِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ تَرَاهُ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرْته فَافْهَمْ.
[فَرْعٌ] فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: الْفُلُوسُ إنْ كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً أَوْ سِلَعًا لِلتِّجَارَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهَا وَإِلَّا فَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ لُزُومُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ: أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ، وَقِيلَ لَا تَجِبُ نَهْرٌ: قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ الْغَلَبَةِ الْمَشْرُوطَةِ لِلْوُجُوبِ، وَقِيلَ يَجِبُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ نَظَرًا إلَى وَجْهَيْ الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ اهـ وَظَاهِرُ الدُّرَرِ اخْتِيَارُ الْأَوَّلِ تَبَعًا لِلْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ وَهُوَ اخْتِيَارِيٌّ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِبَادَةِ وَاجِبٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ، مِنْهَا مَا إذَا اسْتَوَى الدَّمُ وَالْبُزَاقُ يُنْقَضُ الْوُضُوءُ احْتِيَاطًا اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute