وَبَلَغَ نِصَابًا وَيُؤْخَذُ عُشْرُ الْقِيمَةِ مِنْ حَرْبِيٍّ بِلَا نِيَّةِ تِجَارَةٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ اتِّفَاقًا (لَا) يُؤْخَذُ (مِنْ خِنْزِيرِهِ) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قِيَمِيٌّ فَأَخْذُ قِيمَتِهِ كَعَيْنِهِ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ يَبْطُلُ حَقُّهُ أَصْلًا فَيَتَضَرَّرُ وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ ذَكَرَهُ سَعْدِيٌّ (وَ) لَا يُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ (مَالٍ فِي بَيْتِهِ) مُطْلَقًا (وَ) لَا مِنْ مَالِ (بِضَاعَةٍ) إلَّا أَنْ تَكُونَ لِحَرْبِيٍّ (وَ) لَا مِنْ (مَالِ مُضَارَبَةٍ) إلَّا أَنْ يَرْبَحَ الْمُضَارِبُ فَيُعَشِّرُ نَصِيبَهُ إنْ بَلَغَ نِصَابًا (وَ) لَا مِنْ (كَسْبِ مَأْذُونٍ مَدْيُونٍ) بِدَيْنٍ (مُحِيطٍ) بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ
ــ
[رد المحتار]
مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ نِصْفُ عُشْرٍ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَرْبِيِّ عُشْرٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ.
وَأَمَّا مَا رَجَعَ عَنْهُ فَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ فِي حَقِّ الْحَرْبِيِّ، وَلِذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ الْكَافِرَ عَلَى الذِّمِّيِّ فَصَارَ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ الْحَرْبِيِّ، فَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ عُشْرُ الْقِيمَةِ مِنْ حَرْبِيٍّ إلَخْ. اهـ.
ح (قَوْلُهُ: وَبَلَغَ نِصَابًا) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ بِالضَّمِّ إلَى مَالٍ آخَرَ مَعَهُ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ يَعْشُرُهُ مُطْلَقًا أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ وَلَمْ يَكْتَفِ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ شَيْئًا إذَا لَمْ يَبْلُغْ مَالُهُمْ نِصَابًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ: لَا مِنْ خِنْزِيرِهِ) أَيْ الْكَافِرِ ح (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ مَرَّ بِهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْخَمْرِ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ الثَّانِي: إنْ مَرَّ بِهِمَا عُشَرَ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ تَبَعًا لِلْخَمْرِ وَلَمْ يَعْكِسْ؛ لِأَنَّهَا أَطْهَرُ مَالِيَّةً إذْ هِيَ قَبْلَ التَّخَمُّرِ مَالٌ، وَكَذَا بَعْدَهُ بِتَقْدِيرِ التَّخَلُّلِ وَلَيْسَ الْخِنْزِيرُ كَذَلِكَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: فَأَخْذُ قِيمَتِهِ كَعَيْنِهِ) أَيْ كَأَخْذِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ لَهَا حُكْمُ عَيْنِهِ وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى حَيَوَانٍ فِي الذِّمَّةِ إنْ شَاءَ دَفَعَ عَيْنَهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ قِيمَتَهُ.
أَمَّا قِيمَةُ الْخَمْرِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ عَيْنِ الْخَمْرِ، وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ امْرَأَةً عَلَى خَمْرٍ فَأَتَاهَا بِقِيمَتِهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ فَأَمْكَنَ أَخْذُ الْعُشْرِ مِنْ قِيمَتِهَا لَا مِنْ عَيْنِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ تَمَلُّكِهَا شَرْحُ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ: إنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ ذِمِّيٍّ بِالْخِنْزِيرِ وَشَفِيعُهَا مُسْلِمٌ يَأْخُذُهَا بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ الْجَوَازَ هُنَا ضَرُورَةُ حَقِّ الْعَبْدِ لِاحْتِيَاجِهِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الشَّرْعِ لِاسْتِغْنَائِهِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْكَافِي. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ نَقْلًا عَنْ الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ تَأْخُذْ حُكْمَ الْعَيْنِ فِي الْإِعْطَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ إزَالَةٍ وَتَبْعِيدٍ.
قُلْت: وَحَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَدَفْعِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ فِي دَفْعِهَا لِلذِّمِّيِّ تَمْلِيكَهَا وَالْمُسْلِمُ مَنْهِيٌّ عَنْ تَمَلُّكِهَا وَتَمْلِيكِهَا (قَوْلُهُ فِي بَيْتِهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى مَنْ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ مُطْلَقًا ح (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ مَالِ بِضَاعَةٍ) هِيَ لُغَةً: الْقِطْعَةُ مِنْ الْمَالِ. وَاصْطِلَاحًا: مَا يَدْفَعُهُ الْمَالِكُ لِإِنْسَانٍ يَبِيعُ فِيهِ وَيَتَّجِرُ لِيَكُونَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ بَحْرٌ عَنْ الْمُغْرِبِ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَمَانَةِ كَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ لَأَغْنَاهُ عَمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ لِحَرْبِيٍّ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ الْمُضَارَبَةِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَإِنْ ادَّعَى بِضَاعَةً أَوْ نَحْوَهَا فَلَا حُرْمَةَ لِصَاحِبِهَا وَلَا أَمَانَ وَإِنَّمَا الْأَمَانُ لِلَّذِي فِي يَدِهِ. اهـ.
وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَالَ لِحَرْبِيٍّ وَذُو الْيَدِ حَرْبِيٌّ أَيْضًا فَيَعْشُرُ بِاعْتِبَارِ الْأَمَانِ لِذِي الْيَدِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْهُ الْمَالِكُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَا الْيَدِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمَالِكُ حَرْبِيٌّ لَا يَعْشُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَانَ لِلْمَالِكِ وَلَا لِذِي الْيَدِ وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ غَيْرُ مَالِكٍ وَمَا فِي يَدِهِ مَالُ مُسْلِمٍ لَا يَحْتَاجُ لِأَمَانٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ)