للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالْأَوَّلُ: تَشَبَّبَ بِهِنَّ بِضَعْفِ أَرْكَانِهِنَّ، وَالثَّانِي: بِعَجْزِهِنَّ عَنِ الْإِبَانَةِ فِي الْخِصَامِ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [٤٣ \ ١٨] ، وَلِهَذَا التَّبَايُنِ فِي الْكَمَالِ وَالْقُوَّةِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ، صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّعْنَ عَلَى مَنْ تَشَبَّهَ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثْنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» ، هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مَلْعُونٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ ; لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ الْآيَةَ [٥٩ \ ٧] ، كَمَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَلْتَعْلَمْنَ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ اللَّاتِي تُحَاوِلْنَ أَنْ تَكُنَّ كَالرِّجَالِ فِي جَمِيعِ الشُّئُونِ أَنَّكُنَّ مُتَرَجِّلَاتٌ مُتَشَبِّهَاتٌ بِالرِّجَالِ، وَأَنَّكُنَّ مَلْعُونَاتٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ الْمُخَنَّثُونَ الْمُتَشَبِّهُونَ بِالنِّسَاءِ، فَهُمْ أَيْضًا مَلْعُونُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ فِيهِمْ:

وَمَا عَجَبِي أَنَّ النِّسَاءَ تَرَجَّلَتْ ... وَلَكِنَّ تَأْنِيثَ الرِّجَالِ عُجَابُ

وَاعْلَمْ وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَّا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ: أَنَّ هَذِهِ الْفِكْرَةَ الْكَافِرَةَ، الْخَاطِئَةَ الْخَاسِئَةَ، الْمُخَالِفَةَ لِلْحِسِّ وَالْعَقْلَ، وَلِلْوَحْيِ السَّمَاوِيِّ وَتَشْرِيعِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ مِنْ تَسْوِيَةِ الْأُنْثَى بِالذِّكْرِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَالْمَيَادِينِ، فِيهَا مِنَ الْفَسَادِ وَالْإِخْلَالِ بِنِظَامِ الْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ مَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ إِلَّا مَنْ أَعْمَى اللَّهُ بَصِيرَتَهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ الْأُنْثَى بِصِفَاتِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا صَالِحَةٌ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ، صَلَاحًا لَا يُصْلِحُهُ لَهَا غَيْرُهَا، كَالْحَمْلِ وَالْوَضْعِ، وَالْإِرْضَاعِ وَتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ، وَخِدْمَةِ الْبَيْتِ، وَالْقِيَامِ عَلَى شُئُونِهِ. مِنْ طَبْخٍ وَعَجْنٍ وَكَنْسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْخِدْمَاتُ الَّتِي تَقُومُ بِهَا لِلْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ دَاخِلَ بَيْتِهَا فِي سَتْرٍ وَصِيَانَةٍ، وَعَفَافٍ وَمُحَافِظَةٍ عَلَى الشَّرَفِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ، لَا تَقِلُّ عَنْ خِدْمَةِ الرَّجُلِ بِالِاكْتِسَابِ، فَزَعَمَ أُولَئِكَ السَّفَلَةُ الْجَهَلَةُ مِنَ الْكُفَّارِ وَأَتْبَاعِهِمْ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا مِنَ الْحُقُوقِ فِي الْخِدْمَةِ خَارِجَ بَيْتِهَا مِثْلُ مَا لِلرَّجُلِ، مَعَ أَنَّهَا فِي زَمَنِ حَمْلِهَا وَرِضَاعِهَا وَنِفَاسِهَا، لَا تَقْدِرُ عَلَى مُزَاوَلَةِ أَيِّ عَمَلٍ فِيهِ أَيُّ مَشَقَّةٍ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا بَقِيَتْ خِدْمَاتُ الْبَيْتِ كُلُّهَا ضَائِعَةً: مِنْ حِفْظِ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ، وَإِرْضَاعِ مَنْ هُوَ فِي زَمَنِ الرَّضَاعُ مِنْهُمْ، وَتَهْيِئَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِلرَّجُلِ إِذَا جَاءَ مِنْ عَمَلِهِ، فَلَوْ أَجْرَوْا إِنْسَانًا يَقُومُ مَقَامَهَا، لِتُعَطِّلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ التَّعَطُّلَ الَّذِي خَرَجَتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>