للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيٌّ كَمَا وَأُعْرِبَتْ مَا لَمْ تُضَفْ ... وَصَدْرُ وَصْلِهَا ضَمِيرٌ انْحَذَفْ

وَبَعْضُهُمْ أَعْرَبَ مُطْلَقًا. . . . . . . . . .إِلَخْ.

وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ سِيبَوَيْهَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُ غَسَّانَ بْنِ وَعْلَةَ:

إِذَا مَا لَقِيتَ بَنِي مَالِكٍ ... فَسَلِّمْ عَلَى أَيُّهُمْ أَفْضَلُ

وَالرِّوَايَةِ بِضَمِّ «أَيُّهُمْ» ، وَخَالَفَ الْخَلِيلُ وَيُونُسُ وَغَيْرُهُمَا سِيبَوَيْهِ فِي «أَيُّ» الْمَذْكُورَةِ، فَقَالَ الْخَلِيلُ: إِنَّهَا فِي الْآيَةِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ مَحْكِيَّةٌ بِقَوْلٍ مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ أَيُّهُمْ أَشَدُّ ; وَأَنْشَدَ الْخَلِيلُ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

وَلَقَدْ أَبِيتُ مِنَ الْفَتَاةِ بِمَنْزِلٍ ... فَأَبِيتُ لَا حَرِجٌ وَلَا مَحْرُومُ

أَيْ: فَأَبِيتُ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: لَا هُوَ حَرِجٌ وَلَا مَحْرُومٌ.

وَأَمَّا يُونُسُ فَذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْضًا ; لَكِنَّهُ حَكَمَ بِتَعْلِيقِ الْفِعْلِ قَبْلَهَا بِالِاسْتِفْهَامِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عِنْدَهُ لَا يَخْتَصُّ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَاحْتَجَّ لِسِيبَوَيْهَ عَلَى الْخَلِيلِ وَيُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُمَا بِبَيْتِ غَسَّانَ بْنِ وَعْلَةَ الْمَذْكُورِ آنِفًا ; لِأَنَّ الرِّوَايَةَ فِيهِ بِضَمِّ «أَيُّهُمْ» ، مَعَ أَنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ، لَا يُضْمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَعْمُولِهَا قَوْلٌ وَلَا تَعَلُّقٌ عَلَى الْأَصْوَبِ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ التَّأْوِيلَاتِ، وَمِمَّا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ جَمِيعَ النَّحْوِيِّينَ غَلَّطُوا سِيبَوَيْهَ فِي قَوْلِهِ هَذَا فِي «أَيُّ» فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ خِلَافُ التَّحْقِيقِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عِتِيًّا بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَصِلِيًّا بِكَسْرِ الصَّادِ لِلْإِتْبَاعِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالضَّمِّ فِيهِمَا عَلَى الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا.

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِوُرُودِ النَّارِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُرُودِ الدُّخُولُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَصْرِفُ أَذَاهَا عَنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ عِنْدَ ذَلِكَ الدُّخُولِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِوُرُودِ النَّارِ الْمَذْكُورِ: الْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ ; لِأَنَّهُ جِسْرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>