للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٥٩ \ ٢ - ٤] ، وَقَوْلُهُ: وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ الْآيَةَ [٣٣ \ ٢٦ - ٢٧] اهـ مِنْهُ.

فَهَذَا مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيَانٌ وَدَلِيلٌ إِلَى مُغَايَرَةِ الْمُشَاقَّةِ الْوَاقِعَةِ مِنَ الْيَهُودِ لِلْمُشَاقَّةِ الْوَاقِعَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَكَانَ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَمَّنْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ غَيْرِ الْيَهُودِ؛ لِتَخَلُّفِ بَعْضِ الْعِلَّةِ فِي الْحُكْمِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ.

الْلِينَةُ هُنَا، قِيلَ: اسْمٌ عَامٌّ لِلنَّخْلِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ.

وَقِيلَ: نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْهُ، وَهُوَ مَا عَدَا الْبَرْنِيَّ وَالْعَجْوَةَ فَقَطْ.

وَنَقَلَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: اللِّينَةُ مِنَ اللَّوْنِ، وَقَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ لِينَةً؛ لِأَنَّهَا فِعْلَةٌ مِنْ فَعَلَ وَهُوَ اللَّوْنُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ، وَلَكِنْ لَمَّا انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا انْقَلَبَتْ إِلَى يَاءٍ إِلَخْ، وَهَذَا الْأَخِيرُ قَرِيبٌ مِمَّا عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْيَوْمَ، حَيْثُ يُطْلِقُونَ كَلِمَةَ: لُونَةٍ عَلَى مَا لَا يَعْرِفُونَ لَهُ اسْمًا خَاصًّا، وَلَعَلَّ كَلِمَةَ لُونَةٍ مُحَرَّفَةٌ عَنْ كَلِمَةِ لِينَةٍ، وَيُوجَدُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَنْوَاعِ النَّخِيلِ مَا يَقْرُبُ مِنْ سَبْعِينَ نَوْعًا.

وَقِيلَ: إِنَّ الْلِينَةَ كُلُّ شَجَرَةٍ لِلُيُونَتِهَا بِالْحَيَاةِ.

وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي تَقْطِيعِ وَتَحْرِيقِ بَعْضِ النَّخِيلِ لِبَنِي النَّضِيرِ عِنْدَ حِصَارِهِمْ وَقَطَعَ مِنَ الْبُسْتَانِ الْمَعْرُوفِ بِالْبُوَيْرَةِ، كَمَا رَوَى ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ صَاحِبَيِ الصَّحِيحَيْنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَطَعَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ الْآيَةَ.

وَقَالَ حَسَّانٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

وَالْبُوَيْرَةُ مَعْرُوفَةٌ الْيَوْمَ، وَهِيَ بُسْتَانٌ يَقَعُ فِي الْجَنُوبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ مَسْجِدِ قُبَاءٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>