قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا الْآيَةَ [١٩ \ ٤٠] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.
ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ، وَهُوَ جَمْعُ يَمِينٍ، وَأَنَّهُمْ يُقَالُ لَهُمْ: بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [٥٧ \ ١٢] .
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِمَّا ذَكَرْنَا - جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ، أَمَّا سَعْيُ نُورِهِمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ، فَقَدْ بَيَّنَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ، وَزَادَ فِيهَا بَيَانَ دُعَائِهِمُ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا الْآيَةَ [٦٦ \ ٨] .
وَأَمَّا تَبْشِيرُهُمْ بِالْجَنَّاتِ فَقَدْ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، وَبَيَّنَ اللَّهُ فِيهَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُبَشِّرُهُمْ وَأَنَّ رَبَّهُمْ أَيْضًا يُبَشِّرُهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [٩ \ ٢١ - ٢٢] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ إِلَى قَوْلِهِ: نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [٤١: ٣٠ - ٣٢] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ.
الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ فِي «يُنَادُونَهُمْ» رَاجِعٌ إِلَى الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ، وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ رَاجِعٌ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ إِذَا رَأَوْا نُورَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ، قَالُوا لَهُمُ: انْظُرُوا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ، وَقِيلَ لَهُمْ جَوَابًا لِذَلِكَ: ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute