للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ بَعْضُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَبَعْضُهُ مِنْ زُخْرُفٍ، أَيْ ذَهَبٍ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ إِعْرَابَ قَوْلِهِ: وُزُخْرُفًا - عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى مِنْ فِضَّةٍ، وَمِنْ زُخْرُفٍ، فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ فَانْتَصَبَ زُخْرُفًا.

وَأَكْثَرُ عُلَمَاءِ النَّحْوِ عَلَى أَنَّ النَّصْبَ بِنَزْعِ الْخَافِضِ لَيْسَ مُطَّرِدًا وَلَا قِيَاسِيًّا، وَمَا سُمِعَ مِنْهُ يُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.

وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْخُلَاصَةِ فِي قَوْلِهِ:

وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لِلْمُنْجَرِّ نَقْلًا. . . إِلَخْ.

وَعَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ الْأَخْفَشُ الصَّغِيرُ يَرَى اطِّرَادَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أُمِنَ فِيهِ اللَّبْسُ، كَمَا أَشَارَ فِي الْكَافِيَةِ بِقَوْلِهِ:

وَابْنُ سُلَيْمَانَ اطِّرَادَهُ رَأَى ... إِنْ لَمْ يُخَفْ لَبْسٌ كَمِنْ زَيْدٍ نَأَى

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [٤٣ \ ٣٥] عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ مِنْ (لَمَا) ، فَـ (إِنْ) هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاللَّامُ هِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ (إِنِ) الْمُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَ (إِنِ) النَّافِيَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَخُفِّفَتْ إِنْ فَقَلَّ الْعَمَلُ ... وَتَلْزَمُ اللَّامُ إِذَا مَا تُهْمَلُ

وَ (مَا) مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ عَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَابْنِ عَامِرٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ هِشَامٍ (لَمَّا) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ فَـ (إِنْ) نَافِيَةٌ، وَ (لَمَّا) حَرْفُ إِثْبَاتٍ بِمَعْنَى إِلَّا.

وَالْمَعْنَى: وَمَا كُلُّ ذَلِكَ إِلَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.

وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ تَشْدِيدَ مِيمِ (لَمَّا) عَلَى بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَآيَةِ «الطَّارِقِ» إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [٨٦ \ ٤]- لُغَةُ بَنِي هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ.ُُ

<<  <  ج: ص:  >  >>