وَمِثَالُهُ فِي الْإِشَارَةِ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ [٢ \ ٦٨] أَيْ بَيْنَ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ مِنْ فَارِضٍ وَبِكْرٍ، وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيِّ:
إِنَّ لِلْخَيْرِ وَلِلشَّرِّ مَدًى ... وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقُبُلْ
أَيْ كِلَا ذَلِكَ الْمَذْكُورِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ، إِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: (فِيهِ) رَاجِعٌ إِلَى الرَّحِمِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: رَاجِعٌ إِلَى الْبَطْنِ، وَمَنْ قَالَ: رَاجِعٌ إِلَى الْجَعْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ (جَعَلَ) وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: رَاجِعٌ إِلَى التَّدْبِيرِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ خِلَافُ الصَّوَابِ.
وَالتَّحْقِيقُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - هُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -.
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
وَقَدْ قَدَّمَنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [٧ \ ٥٤] .
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ.
مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ هِيَ مَفَاتِيحُهُمَا، وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، فَمُفْرَدُهَا إِقْلِيدٌ، وَجَمْعُهَا مَقَالِيدُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَالْإِقْلِيدُ الْمِفْتَاحُ. وَقِيلَ: وَاحِدُهَا مِقْلِيدٌ، وَهُوَ قَوْلٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ.
وَكَوْنُهُ - جَلَّ وَعَلَا - لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ مَفَاتِيحُهُمَا، كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ - جَلَّ وَعَلَا - هُوَ وَحْدَهُ الْمَالِكُ لِخَزَائِنِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ; لِأَنَّ مِلْكَ مَفَاتِيحِهَا يَسْتَلْزِمُ مِلْكَهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - مِثْلَ هَذَا فِي سُورَةِ «الزُّمَرِ» فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [٣٩ \ ٦٢ - ٦٣] .
وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ «الشُّورَى» هَذِهِ وَآيَةُ «الزُّمَرِ» الْمَذْكُورَتَانِ مِنْ أَنَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - هُوَ مَالِكُ خَزَائِنِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ [٦٣ \ ٧] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [١٥ \ ٢١] .ُُ