للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَحْسَبُونَ الْخَيْرَ لَا شَرَّ بَعْدَهُ ... وَلَا يَحْسَبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لَازِبِ

فَقَوْلُهُ: ضَرْبَةَ لَازِبِ، أَيْ: شَيْئًا مُلَازِمًا لَا يُفَارِقُ، وَمِنْهُ فِي اللَّاتِبِ قَوْلُهُ:

فَإِنَّ يَكُ هَذَا مِنْ نَبِيذٍ شَرِبْتُهُ ... فَإِنِّيَ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ لَتَائِبُ

صُدَاعٌ وَتَوْصِيمُ الْعِظَامِ وَفَتْرَةٌ ... وَغَمٌّ مَعَ الْإِشْرَاقِ فِي الْجَوْفِ لَاتِبُ

وَالْبُرْهَانَانِ الْمَذْكُورَانِ عَلَى الْبَعْثِ يُلْقِمَانِ الْكُفَّارَ حَجَرًا فِي إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ الْمَذْكُورَ بِعَدِّهِمَا قَرِيبًا مِنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ [٣٧ \ ١٥ ١٩] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخُرُونَ. قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَامَّةُ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ غَيْرَ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ: عَجِبْتَ بِالتَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَهِيَ تَاءُ الْخِطَابِ، الْمُخَاطَبُ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: بَلْ عَجِبْتُ، بِضَمِّ التَّاءِ وَهِيَ تَاءُ الْمُتَكَلِّمِ، وَهُوَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا.

وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ أَنَّ الْقِرَاءَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ يَحْكُمُ لَهُمَا بِحُكْمِ الْآيَتَيْنِ.

وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ عَلَى قِرَاءَةِ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ فِيهَا إِثْبَاتُ الْعَجَبِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَهِيَ إذًا مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ.

وَقَدْ أَوْضَحْنَا طَرِيقَ الْحَقِّ الَّتِي هِيَ مَذْهَبُ السَّلَفِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ، وَأَحَادِيثِهَا فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [٧ \ ٥٤] ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «الرُّومِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ. الْآيَةَ [٣٠ \ ٥٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>