أَمَّا الْمَكَايِيلُ الْإِسْلَامِيَّةُ الْأَسَاسِيَّةُ وَالْمُوَازِينُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا مِنَ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي زَكَاةِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ، وَزَكَاةِ النَّقْدَيْنِ، وَقَدَّمْنَا بَيَانَ مُقَابِلِهَا بِالْوَزْنِ الْحَدِيثِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [٧٠ \ ٢٤ - ٢٥] . وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
غَرِيبَةٌ.
فِي لَيْلَةِ الْفَرَاغِ مِنْ كِتَابَةِ هَذَا الْمَبْحَثِ رَأَيْتُ الشَّيْخَ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، وَبَعْدَ أَنْ ذَهَبَ عَنِّي، رَأَيْتُ مَنْ يَقُولُ لِي: إِنَّ لِتَطْفِيفِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ دَخْلًا فِي الرِّبَا، فَأَلْحَقْتُهُ فِي أَوَّلِ الْبَحْثِ، بَعْدَ أَنْ تَأَمَّلْتُهُ فَوَجَدْتُهُ صَحِيحًا بِسَبَبِ الْمُفَاضَلَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
«رَانَ» : بِمَعْنَى غَطَّى كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَمَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُغَطِّيَهُ» الْحَدِيثَ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَكَمْ رَانَ مِنْ ذَنْبٍ عَلَى قَلْبِ فَاجِرِ ... فَتَابَ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي رَانَ فَانْجَلَى
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: وَأَصْلُ الرَّيْنِ: الْغَلَبَةُ، يُقَالُ: رَانَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَقْلِ شَارِبِهَا وَاشْتَدَّتْ:
ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رَانَتْ بِهِ الْخَـ ... ـمْرُ وَأَلَّا يُرِيَهُ بِانْتِفَاءِ
بَيَانُ الْقِرَاءَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:
قَالَ أَبُو حَيَّانَ: قُرِئَ «بَلْ رَانَ» بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي الرَّاءِ، وَبِالْإِظْهَارِ وَقَفَ حَفْصٌ عَلَى «بَلْ» وَقْفًا خَفِيفًا يَسِيرًا لِيَتَبَيَّنَ الْإِظْهَارُ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنِ الْبَاذِشِ: وَأَجْمَعُوا - يَعْنِي الْقُرَّاءَ - عَلَى إِدْغَامِ اللَّامِ فِي الرَّاءِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سَكْتِ حَفْصٍ عَلَى «بَلْ» ، ثُمَّ يَقُولُ: «رَانَ» .
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ كَمَا ذَكَرَ مِنَ الْإِجْمَاعِ.
فَفِي كِتَابِ «اللَّوَامِعِ» عَنْ قَالُونَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ: إِظْهَارُ اللَّامِ عِنْدَ الرَّاءِ نَحْوَ قَوْلِهِ: