قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [٥٦ \ ٤٩ - ٥٠] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ
يَوْمُ الْفَصْلِ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْخَلَائِقِ، بَيْنَ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ، وَالْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ، وَالدَّائِنِ وَالْمَدِينِ، كَمَا بَيَّنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ [٧٧ \ ٣٨] ، وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [١١ \ ١٠٣] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
وَعِيدٌ شَدِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُكَذِّبِينَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى ذَلِكَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - عِنْدَ آخِرِ سُورَةِ «الذَّارِيَاتِ» ، عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [٥١ \ ٦٠] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ
الْمَاءُ الْمَهِينُ: هُوَ النُّطْفَةُ الْأَمْشَاجُ، وَالْقَرَارُ الْمَكِينُ: هُوَ الرَّحِمُ، وَقَدْ مَكَّنَهُ اللَّهُ وَصَانَهُ حَتَّى مِنْ نَسَمَةِ الْهَوَاءِ.
وَالْآيَاتُ الْبَاهِرَاتُ فِي هَذَا الْقَرَارِ فَوْقَ أَنْ تُوصَفَ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ الرَّحِمُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [٢٢ \ ٥] ، وَالْقَدْرُ الْمَعْلُومُ هُوَ مُدَّةُ الْحَمْلِ إِلَى السَّقْطِ أَوِ الْوِلَادَةِ.
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ التَّنْوِيهُ عَنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْحَجِّ» ، وَأَنَّهَا أَقْدَارٌ مُخْتَلِفَةٌ وَآجَالٌ مُسَمَّاةٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ
فِيهِ التَّمَدُّحُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ حَقٌّ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ [٥٦ \ ٥٩] .
وَقَدْ بَيَّنَهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْحَجِّ» : ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ [٢٢ \ ٥] إِلَى آخِرِ السِّيَاقِ.