للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ. قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ مَعَ إِزَالَةِ الْإِشْكَالِ، وَالْجَوَابِ عَنِ الْأَسْئِلَةِ الْوَارِدَةِ، عَلَى تِلْكَ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [١٧ \ ١٥] ، وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ، مَعَ إِزَالَةِ الْإِشْكَالِ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ، فِي سُورَةِ النَّحْلِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ الْآيَةَ [١٦ \ ٢٥] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا الْآيَةَ [١٠ \ ١٢] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى بَحْثِ أُصُولِهِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [١٥ \ ٣] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ. الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ إِقَامَةِ دِينِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُهَاجِرَ مِنْهُ، فِي مَنَاكِبِ أَرْضِ اللَّهِ الْوَاسِعَةِ، حَتَّى يَجِدَ مَحَلًّا تُمَكِّنُهُ فِيهِ إِقَامَةَ دِينِهِ.

وَقَدْ أَوْضَحَ تَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا [٤ \ ٩٧] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ [٢٩ \ ٥٦] ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>