وَمَاتُوا، فَالِاسْتِعْجَالُ بِمَعْنَى التَّعْجِيلِ.
وَيَدْخُلُ فِي دُعَاءِ الْإِنْسَانِ بِالشَّرِّ قَوْلُ النَّضِرِ بْنِ الْحَارِثِ الْعَبْدَرِيِّ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [٨ \ ٣٢] .
وَمِمَّنْ فَسَّرَ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ بِمَا ذَكَرْنَا: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَهُوَ أَصَحُّ التَّفْسِيرَيْنِ لِدَلَالَةِ آيَةِ يُونُسَ عَلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ كَمَا يَدْعُو بِالْخَيْرِ فَيَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَالسَّلَامَةَ مِنَ النَّارِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، كَذَلِكَ قَدْ يَدْعُو بِالشَّرِّ فَيَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لَهُ الزِّنَى بِمَفْسُوقَتِهِ، أَوْ قَتْلَ مُسْلِمٍ هُوَ عَدُوٌّ لَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُ ابْنُ جَامِعٍ:
أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِيمَنْ يَطُوفُ ... وَأَرْفَعُ مِنْ مِئْزَرِي الْمُسْبَلِ
وَأَسْجُدُ بِاللَّيْلِ حَتَّى الصَّبَاحَ ... وَأَتْلُو مِنَ الْمُحْكَمِ الْمُنَزَّلِ
عَسَى فَارِجُ الْهَمَّ عَنْ يُوسُفَ ... يُسَخِّرُ لِي رَبَّةَ الْمَحْمَلِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا.
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ، أَيْ عَلَامَتَيْنِ دَالَّتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ الرَّبُّ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّ يُعْبَدَ وَحْدَهُ، وَلَا يُشْرَكُ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَكَرَّرَ تَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ [٤١ \ ٣٧] ، وَقَوْلِهِ: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ [٣٦ \ ٣٧] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ [١٠ \ ٦] ، وَقَوْلِهِ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [٣ \ ١٩٠] ، وَقَوْلِهِ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ - إِلَى قَوْلِهِ - لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [٢ \ ١٦٤] ، وَقَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [٣٣ \ ٨٠] ، وَقَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [٢٥ \ ٦٢] ، وَقَوْلِهِ: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [٣٩ \ ٥] ، وَقَوْلِهِ: فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute