[١٨ \ ٤٦] .
وَمِمَّا يُعْتَبَرُ تَوْجِيهًا قُرْآنِيًّا لِعِلَاجِ مَشَاكِلِ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَضِيَّةِ الْأَوْلَادِ التَّعْقِيبُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [٦٤ \ ١٤] ، أَيْ: إِنَّ عَدَاوَةَ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُقَابَلَ إِلَّا بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالْغُفْرَانِ، وَأَنَّ ذَلِكَ يُخَفِّفُ أَوْ يُذْهِبُ أَوْ يُجَنِّبُ الزَّوْجَ وَالْوَالِدَ نَتَائِجَ هَذَا الْعَدَاءِ، وَأَنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْمُشَاحَّةِ وَالْخِصَامِ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ [٦٤ \ ١٥] أَيْ: قَدْ تَفْتِنُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ: لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [٦٣ \ ٩] .
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ هَذَا الْمَبْحَثُ فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ» كَمَا أَشَرْنَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.
يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ التَّكْلِيفَ فِي حُدُودِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَيُبَيِّنُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [٢ \ ٢٨٦] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ [٢ \ ٢٨٦] .
وَفِي الْحَدِيثِ: «قَالَ اللَّهُ قَدْ فَعَلْتُ» ، وَهَذَا فِي الْأَوَامِرِ دُونَ النَّوَاهِي ; لِأَنَّ النَّوَاهِيَ تُرُوكٌ.
كَمَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ: «مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ» ، وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - عِنْدَ أَوَاخِرِ سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي رُخَصِ الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ وَنَحْوِهِمَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
قَالُوا: الشُّحُّ، أَخَصُّ مِنَ الْبُخْلِ، وَقِيلَ الْبُخْلُ: أَنْ تَضِنَّ بِمَالِكَ، وَالشُّحُّ أَنْ تَضِنَّ بِمَالِ غَيْرِكَ، وَالْوَاقِعُ أَنَّ الشُّحَّ مُنْتَهَى الْبُخْلِ، وَإِنْ ذَكَرَهُ هُنَا بَعْدَ قَضَايَا الْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلَادِ وَفِتْنَتِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ، ثُمَّ الْأَمْرِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالْإِنْفَاقِ فِي قَوْلِهِ: وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ [٦٤ \ ١٦] ، يُشْعِرُ بِأَنَّ أَكْثَرَ قَضَايَا الزَّوْجِيَّةِ مَنْشَؤُهَا مِنْ جَانِبِ الْمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute