للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا عَزَاهُ لِابْنِ مَالِكٍ جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ وَالْمُفَسِّرِينَ، وَمِثَالُهُ فِي فَعِلٍ قَوْلُ الرَّاجِزِ - وَهُوَ مِنْ شَوَاهِدِ سِيبَوَيْهِ -:

لَيْسَ بِلَيْلِي وَلَكِنِّي نَهِرٌ ... لَا أَدْلُجُ اللَّيْلَ وَلَكِنْ أَبْتَكِرْ

فَقَوْلُهُ: نَهِرٌ بِمَعْنَى نَهَارِيٍّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ مَعْنَى الظُّلْمِ بِشَوَاهِدِهِ الْعَرَبِيَّةِ، فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ.

تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَحْوِهِ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ [٧ \ ١٨٧] . وَفِي «الْأَنْعَامِ» عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [٦ \ ٥٩] .

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ.

قَدْ قَدَّمَنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ «الرَّعْدِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ الْآيَةَ [١٣ \ ٨] .

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ.

الظَّنُّ هُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ ; لِأَنَّ الْكُفَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا عَايَنُوا الْعَذَابَ، وَشَاهَدُوا الْحَقَائِقَ - عَلِمُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ، أَيْ لَيْسَ لَهُمْ مَفَرٌّ وَلَا مَلْجَأٌ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَحِيصَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، مِنْ حَاصَ يَحِيصُ بِمَعْنَى حَادَ وَعَدَلَ وَهَرَبَ.

وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الظَّنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِمَعْنَى الْيَقِينِ وَالْعِلْمِ - هُوَ التَّحْقِيقُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - ; لِأَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَنْكَشِفُ فِيهِ الْحَقَائِقُ، فَيَحْصُلُ لِلْكُفَّارِ الْعِلْمُ بِهَا لَا يُخَالِجُهُمْ فِي ذَلِكَ شَكٌّ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى - عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ [٣٢ \ ١٢] . وَقَالَ - تَعَالَى -: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا [١٩ \ ٣٨] . وَقَالَ - تَعَالَى -: فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [٥٠ \ ٢٢] . وَقَالَ - تَعَالَى -: وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا [٦] . وَقَدُُْ

<<  <  ج: ص:  >  >>