وَبَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّ خَزَائِنَ رَحْمَتِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ [٣٨ \ ٩] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ [٥٢ \ ٣٧] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا [١٧ \ ١٠٠] .
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ جَاءَ مَعْنَاهُ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ الْآيَةَ [٣٤ \ ٣٩] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [٣٤ \ ٣٦] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْآيَةَ [١٣ \ ٢٦] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ الْآيَةَ [١٦ \ ٧١] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْآيَةَ [٤٣ \ ٣٢] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا الْآيَةَ [٤ \ ١٣٥] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ الْآيَةَ [٦٥ \ ٧] . وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [٦٥ \ ٧] أَيْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ لِقِلَّتِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ.
أَيْ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ بَسْطَهُ لَهُ وَيَقْدِرُ، أَيْ يُضَيِّقُ الرِّزْقَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ تَضْيِيقَهُ عَلَيْهِ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي سُورَةِ «الْأَنْبِيَاءِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [٢١ \ ٨٧] .
وَقَدْ بَيَّنَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي بَعْضِ الْآيَاتِ حِكْمَةَ تَضْيِيقِهِ لِلرِّزْقِ عَلَى مَنْ ضَيَّقَهُ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ أَنَّ مِنْ حُكْمِ ذَلِكَ أَنَّ بَسْطَ الرِّزْقِ لِلْإِنْسَانِ، قَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى الْبَغْيِ وَالطُّغْيَانِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ [٤٢ \ ٢٧] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [٩٦ \ ٦] .
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الِدِينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ.
قَدْ قَدَّمَنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ «الْأَحْزَابِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute