مَحَلُّ سُجُودٍ عَلَى قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ خِلَافُ التَّحْقِيقِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ.
التَّنْبِيهُ الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: لَا يَهْتَدُونَ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ، يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [٢٧ \ ٢٥] قَرَأَهُ حَفْصٌ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْخِطَابِ، وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ: يُخْفُونَ، وَيُعْلِنُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ. جَاءَ مَعْنَاهُ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ [٤١ \ ٤٦] وَقَوْلِهِ: وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ [٣٠ \ ٤٤] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ [١٧ \ ٧] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ. جَاءَ مَعْنَاهُ مُوَضَّحًا أَيْضًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ [١٤ \ ٨] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [٦٤ \ ٦] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [٦٤ \ ٦] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [٤٧ \ ٣٨] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ.
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ أَرْسَلَ نَبِيَّهُ صَالِحًا إِلَى ثَمُودَ، فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا خُصُومَةَ الْفَرِيقَيْنِ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [٧ \ ٧٥ - ٧٦] فَهَذِهِ خُصُومَتُهُمْ وَأَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْخُصُومَةِ، الْخُصُومَةُ فِي الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute