للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي فِي قَرَابَتِي فِيكُمْ وَتَحْفَظُونِي فِيهَا، فَتَكُفُّوا عَنِّي أَذَاكُمْ وَتَمْنَعُونِي مِنْ أَذَى النَّاسِ، كَمَا هُوَ شَأْنُ أَهْلُ الْقُرَابَاتِ.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا. الِاقْتِرَافُ مَعَنَاهُ الِاكْتِسَابُ، أَيْ مَنْ يَعْمَلْ حَسَنَةً مِنَ الْحَسَنَاتِ وَيَكْتَسِبْهَا - نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا، أَيْ نُضَاعِفْهَا لَهُ.

فَمُضَاعَفَةُ الْحَسَنَاتِ هِيَ الزِّيَادَةُ فِي حُسْنِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى تُوَضِّحُهُ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [٤ \ ٤٠] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [٦ \ ١٦٠] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً [٢ \ ٢٤٥] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا [٧٣ \ ٢٠] . فَكَوْنُهُ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا زِيَادَةٌ فِي حُسْنِهِ، كَمَا لَا يَخْفَى. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ.

بَيَّنَ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ هُوَ وَحْدَهُ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُوَضَّحًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [٩ \ ١٠٤] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ الْآيَةَ [٦٦ \ ٨] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ [٣ \ ١٣٥] . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا مَعْنَى التَّوْبَةِ وَأَرْكَانَهَا وَإِزَالَةَ مَا فِي أَرْكَانِهَا مِنَ الْإِشْكَالِ فِي سُورَةِ «النُّورِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [٢٤ \ ٣١] .

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ.

ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ يُنَزِّلُ مَا يَشَاءُ تَنْزِيلَهُ مِنَ الْأَرْزَاقِ وَغَيْرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>