للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآيَةَ [٦ \ ٥١] . مَعَ أَنَّ أَصْلَ الْإِنْذَارِ عَامٌّ شَامِلٌ لِلْمَذْكُورِينَ وَغَيْرِهِمْ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [٢٥ \ ١] .

وَإِنَّمَا خَصَّ الْمَذْكُورِينَ بِالْإِنْذَارِ، لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالْإِنْذَارِ، وَمَنْ لَمْ يُنْذَرْ أَصْلًا - سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الِانْتِفَاعِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [٣٦ \ ١٠] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: بَشِيرًا وَنَذِيرًا [٤١ \ ٤] حَالٌ بَعْدَ حَالٍ. وَقَدْ قَدَّمَنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ وَبَعْضَ شَوَاهِدِهِ الْعَرَبِيَّةِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْكَهْفِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ [١٨ \ ٢] ، وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [٧ \ ٢] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ.

قَدْ قَدَّمَنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «يس» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [٣٦ \ ٧] وَفِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [٦ \ ١١٦] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ أَيْ لَا يَسْمَعُونَ سَمَاعَ قَبُولٍ وَانْتِفَاعٍ.

وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي سُورَةِ «النَّمْلِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ الْآيَةَ [٢٧ \ ٨٠] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ.

ذَكَرَ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْكُفَّارَ صَرَّحُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَلَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ مَا جَاءَهُمْ بِهِ ; فَقَالُوا لَهُ: قُلُوبُنَا الَّتِي نَعْقِلُ بِهَا وَنَفْهَمُ (فِي أَكِنَّةٍ) أَيْ أَغْطِيَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>