للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

سُورَةُ التَّكْوِيرِ.

قُوْلُهُ تَعَالَى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ

اخْتَلَفَ فِي مَعْنَى «كُوِّرَتْ» هُنَا أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، وَكُلُّهَا تَدُورُ عَلَى نِهَايَةِ أَمْرِهَا.

فَقِيلَ: «كُوِّرَتْ» : لُفَّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَانْطَمَسَ نُورُهَا.

وَقِيلَ: حُجِبَتْ بِكَارَةٍ، أَيْ: لُفَّتْ بِهَا. وَقِيلَ: أُلْقِيَتْ فِي الْبَحْرِ. وَقِيلَ: دَخَلَتْ فِي الْعَرْشِ. وَقِيلَ: اضْمَحَلَّتْ. وَقِيلَ: نُكِّسَتْ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُوِّرَتْ.

وَالَّذِي يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ، أَنَّ هَذَا كُلَّهُ رَاجِعٌ إِلَى تَغَيُّرِ حَالِهَا فِي آخِرِ أَمْرِهَا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهَا أَجَلًا مُسَمًّى، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَعْلَمُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [٣١ \ ٢٩] .

فَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ إِذَا جَاءَ هَذَا الْأَجَلُ تَوَقَّفَتْ عَنْ جَرَيَانِهَا.

وَهُوَ مَا يُشِيرُ إِلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [٧٥ \ ٧ - ٩] ، أَيْ: بَعْدَ أَنْ لَمْ يَجْتَمِعَا قَطُّ، وَمَا كَانَ لَهُمَا أَنْ يَجْتَمِعَا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [٣٦ \ ٤٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>