للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ الْآيَةَ [٤٨ \ ٢] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ.

مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ أُخَرُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [٨ \ ٢] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [٩ \ ١٢٤] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا [٧٤ \ ٣١] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ مِرَارًا.

وَالْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.

ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّ لَهُ جُنُودَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبَيَّنَ فِي الْمُدَّثِّرِ أَنَّ جُنُودَهُ هَذِهِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [٧٤ \ ٣١] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَصَحُّهَا فِي الْآيَةِ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ: لِيُدْخِلَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ [٤٨ \ ٤] .

وَإِيضَاحُ الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ، أَيِ السُّكُونَ وَالطُّمَأْنِينَةَ إِلَى الْحَقِّ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، لِيَزْدَادُوا بِذَلِكَ إِيمَانًا لِأَجْلِ أَنْ يُدْخِلَهُمْ بِالطُّمَأْنِينَةِ إِلَى الْحَقِّ، وَازْدِيَادِ الْإِيمَانِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ.

وَمَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ فِي قَوْلِهِ: فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ قُلُوبَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلِذَا كَانَ جَزَاؤُهُمْ مُخَالِفًا لِجَزَاءِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا صَرَّحَ تَعَالَى بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>