للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَقَلَّ غَنَاءً عَنْكَ مَالٌ جَمَعْتَهُ ... إِذَا صَارَ مِيرَاثًا وَوَارَاكَ لَاحِدُ

فَقَوْلُهُ: قَلَّ غَنَاءً، أَيْ قَلَّ نَفْعًا. وَقَوْلُ الْآخَرِ

: قَلَّ الْغَنَاءُ إِذَا لَاقَى الْفَتَى تَلَفًا ... قَوْلُ الْأَحِبَّةِ لَا تَبْعَدْ وَقَدْ بَعِدَا

فَقَوْلُهُ: الْغَنَاءُ أَيِ النَّفْعُ.

وَالْبَيْتُ مِنْ شَوَاهِدِ إِعْمَالِ الْمَصْدَرِ الْمُعَرَّفِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: قَوْلُ الْأَحِبَّةِ، فَاعِلُ قَوْلِهِ: الْغَنَاءُ. وَأَمَّا الْغِنَاءُ - بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ - فَهُوَ الْأَلْحَانُ الْمُطْرِبَةُ.

وَأَمَّا الْغِنَى - بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ - فَهُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ.

وَأَمَّا الْغَنَى - بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ - فَهُوَ الْإِقَامَةُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: غَنِيَ بِالْمَكَانِ - بِكَسْرِ النُّونِ - يَغْنَى - بِفَتْحِهَا - غَنَى - بِفَتْحَتَيْنِ - إِذَا أَقَامَ بِهِ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ [١٠ \ ٢٤] . وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا [٧ \ ٩٢] كَأَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا فِيهَا.

وَأَمَّا الْغُنَى - بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ - فَهُوَ جَمْعُ غُنْيَةٍ، وَهِيَ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ الْإِنْسَانُ.

وَأَمَّا الْغُنَاءُ - بِالْمَدِّ وَالضَّمِّ - فَلَا أَعْلَمُهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ.

وَهَذِهِ اللُّغَاتُ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي مَادَّةِ غَنِيَ كُنْتُ تَلَقَّيْتُهَا فِي أَوَّلِ شَبَابِي فِي دَرْسٍ مِنْ دُرُوسِ الْفِقْهِ لَقَّنَنِيهَا شَيْخِي الْكَبِيرُ أَحْمَدُ الْأَفْرَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُخْتَارُ الْجَكَنِيُّ، وَذَكَرَ لِي بَيْتَيْ رَجَزٍ فِي ذَلِكَ لِبَعْضِ أَفَاضِلِ عُلَمَاءِ الْقُطْرِ، وَهُمَا قَوْلُهُ:

وَضِدُّ فَقْرٍ كَإِلَى، وَكَسَحَابِ ... النَّفْعُ، وَالْمُطْرِبُ أَيْضًا كَكِتَابِ

وَكَفَتًى إِقَامَةٌ وَكَهُنَا ... جَمْعٌ لِغُنْيَةٍ لِمَا بِهِ الْغَنَى

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ.

الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: هَذَا هُدًى رَاجِعَةٌ لِلْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِآيَاتِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ [٤٥ \ ٦] . وَقَوْلِهِ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ الْآيَةَ [٤٥ \ ٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>