وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ» .
وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - عَلَى قَتْلِ تَارِكِهَا. وَكَلَامُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَثَرِ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ وَرُوحِهِ وَشُعُورِهِ، وَمَا تُكْسِبُهُ مِنْ طُمَأْنِينَةٍ وَارْتِيَاحٍ، كَلَامٌ كَثِيرٌ جِدًّا تُوحِي بِهِ كُلِّهِ مَعَانِي سُورَةِ (الْفَاتِحَةِ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
هَذَا هُوَ الْوَصْفُ الثَّانِي، وَيُسَاوِي إِيتَاءَ الزَّكَاةِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ الْمَعْلُومَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْمَفْرُوضِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَلَا يَمْنَعُ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ ; فَقَدْ يَكُونُ أَصْلُ الْمَشْرُوعِيَّةِ بِمَكَّةَ، وَيَأْتِي التَّفْصِيلُ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَهُنَا إِجْمَالٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
الْأَوَّلُ: فِي الْأَمْوَالِ.
وَالثَّانِي: فِي الْحَقِّ الْمَعْلُومِ. أَيِ: الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ، وَلَمْ تَأْتِ آيَةٌ تُفَصِّلُ هَذَا الْإِجْمَالَ إِلَّا آيَةُ: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [٥٩ \ ٧] ، وَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ هَذَا الْإِجْمَالَ.
أَمَّا الْأَمْوَالُ، فَهِيَ لِإِضَافَتِهَا تَعُمُّ كُلَّ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْأَمْرِ كَذَلِكَ، فَالْأَمْوَالُ الزَّكَوِيَّةُ بَعْضٌ مِنَ الْجَمِيعِ، وَأُصُولُهَا عِنْدَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ هِيَ:
أَوَّلًا: النَّقْدَانِ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ.
ثَانِيًا: مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ حُبُوبٍ وَثِمَارٍ.
ثَالِثًا: عُرُوضُ التِّجَارَةِ.
رَابِعًا: الْحَيَوَانُ، وَلَهَا شُرُوطٌ وَأَنْصِبَاءُ. وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ تَفْصِيلٌ، وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى بَعْضُ الْخِلَافِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِهَا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا عِنْدَ آيَتَيْ: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [٩ \ ٣٤] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [٦٣ \ ١٤١] ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرٌ لِزَكَاةِ الْحَيَوَانِ