وَبَيَّنَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى كَيْفِيَّةَ هَذَا الرِّزْقِ تَفْصِيلًا مِمَّا يَعْجِزُ الْخَلْقُ عَنْ فِعْلِهِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ [٨٠ \ ٢٤ - ٣٢] .
فَجَمِيعُ أَنْوَاعِ الرِّزْقِ فِي ذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ إِنْزَالِ الْمَاءِ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ يَنْشَأُ عَنْهُ إِشْقَاقُ الْأَرْضِ عَنِ النَّبَاتِ بِأَنْوَاعِهِ حَبًّا وَعِنَبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ وَفَاكِهَةً، وَكُلُّهَا لِلْإِنْسَانِ، وَقَضْبًا وَأَبًّا لِلْأَنْعَامِ، وَالْأَنْعَامُ أَرْزَاقٌ أَيْضًا لَحْمًا وَلَبَنًا، وَجَمِيعُ ذَلِكَ قِوَامُهُ إِنْزَالُ الْمَاءِ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا اللَّهُ.
فَإِذَا أَمْسَكَهُ اللَّهُ عَنِ الْخَلْقِ لَا يَقْوَى مَخْلُوقٌ عَلَى إِنْزَالِهِ، فَإِذَا عَلِمَ الْمُسْلِمُ أَنَّ الْأَرْزَاقَ بِيَدِ الْخَلَّاقِ، وَمَنْ بِيَدِهِ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ يَتَّجِهَ بِرَغْبَةٍ وَلَا يَتَوَجَّهَ بِسُؤَالٍ إِلَّا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مُوقِنًا حَقَّ الْيَقِينِ أَنَّهُ هُوَ سُبْحَانَهُ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.
وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [٥١ \ ٢٢ - ٢٣] .
وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَوْلُهَا: وَاللَّهِ لَا يَكْمُلُ إِيمَانُ الْعَبْدِ حَتَّى يَكُونَ يَقِينُهُ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمَ مِمَّا بِيَدِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ.
تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ [٢٣ \ ١٨] فِي سُورَةِ «الْمُؤْمِنُونَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute