للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجِمَاعِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا حُكْمَ تَعَدُّدِ الْجِمَاعِ، وَفِيهِ لِلشَّافِعِيَّةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ:

أَصَحُّهَا: تَجِبُ بِالْجِمَاعِ الْأَوَّلِ: بَدَنَةٌ، وَبِالثَّانِي: شَاةٌ.

وَالثَّانِي: تَجِبُ بِكُلِّ جِمَاعٍ بَدَنَةٌ.

الثَّالِثُ: تَكْفِي بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ عَنِ الْجَمِيعِ.

الرَّابِعُ: إِنْ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ، قَبْلَ الْجِمَاعِ الثَّانِي وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ لِلثَّانِي: وَهِيَ شَاةٌ فِي الْأَصَحِّ، وَبَدَنَةٌ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ كَفَتْهُ بَدَنَةٌ عَنْهُمَا.

وَالْخَامِسُ: إِنْ طَالَ الزَّمَانُ بَيْنَ الْجِمَاعَيْنِ أَوِ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ: وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِلثَّانِي، وَفِيهَا الْقَوْلَانِ. وَإِلَّا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ وَطِئَ مَرَّةً ثَالِثَةً وَرَابِعَةً، أَوْ أَكْثَرَ فَفِيهِ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ، الْأَظْهَرُ: تَجِبُ لِلْأَوَّلِ بَدَنَةٌ، وَلِكُلِّ جِمَاعٍ بَعْدَ ذَلِكَ شَاةٌ.

وَالثَّانِي: تَجِبُ بِكُلِّ جِمَاعٍ بَدَنَةٌ إِلَى آخِرِ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا. هَذَا هُوَ حَاصِلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَلْنَكْتَفِ هُنَا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحْكَامِ الْحَجِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى آيَةِ الْحَجِّ هَذِهِ خَوْفَ الْإِطَالَةِ الْمُمِلَّةِ.

تَنْبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ: اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» ، وَمَسْأَلَةَ الصَّيْدِ وَجَزَائِهِ فِي الْإِحْرَامِ، أَوْ أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ، وَأَشْجَارِ الْحَرَمَيْنِ، وَنَبَاتِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَصَيْدِ وَجٍّ - قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ «الْمَائِدَةِ» ، وَأَحْكَامُ الْهَدْيِ سَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا مِنْ سُورَةِ «الْحَجِّ» هَذِهِ.

التَّنْبِيهُ الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ تَعَدُّدِ الْفِدْيَةِ، وَعَدَمِ تَعَدُّدِهَا، إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ فِيمَا نَعْلَمُ، وَاخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ نَوْعِ الِاخْتِلَافِ فِي تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ. اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِيَشْهَدُوا [٢٢ \ ٢٨] : هِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ: وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ الْآيَةَ [٢٢ \ ٢٧] : أَيْ إِنْ تُؤَذِّنْ فِيهِمْ يَأْتُوكَ مُشَاةً وَرُكْبَانًا، لِأَجْلِ أَنْ يَشْهَدُوا: أَيْ يَحْضُرُوا مَنَافِعَ لَهُمْ، وَالْمُرَادُ بِحُضُورِهِمُ الْمَنَافِعَ: حُصُولُهَا لَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>