وَقَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى الْآيَةَ [٨٠ \ ٨ - ٩] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَمِنْ إِطْلَاقِ السَّعْيِ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مَعًا قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى إِلَى قَوْلِهِ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى [٩٢ \ ٤ - ١١] وَهَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا فِي سُورَةِ «الْحَجِّ» الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [٢٢
- ٥١] جَاءَ مَعْنَاهَا وَاضِحًا فِي سُورَةِ سَبَأٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ [٣٨ \ ٤ - ٥] فَالْعَذَابُ مِنَ الرِّجْزِ الْأَلِيمِ الْمَذْكُورِ فِي «سَبَأٍ» هُوَ عَذَابُ الْجَحِيمِ الْمَذْكُورُ فِي الْحَجِّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، مَعْنَى قَوْلِهِ تَمَنَّى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ وَجْهَانِ مِنَ التَّفْسِيرِ مَعْرُوفَانِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ تَمَنَّى بِمَعْنَى: قَرَأَ وَتَلَا وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ ... وَآخِرَهَا لَاقَى حِمَامَ الْمَقَادِرِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ آخِرَ لَيْلِهِ ... تَمَنِّيَ دَاوُدَ الزَّبُورَ عَلَى رُسُلِ
فَمَعْنَى تَمَنَّى فِي الْبَيْتَيْنِ قَرَأَ وَتَلَا.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ: إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ، وَكَوْنُ تَمَنَّى بِمَعْنَى: قَرَأَ وَتَلَا، هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ تَمَنَّى فِي الْآيَةِ مِنَ التَّمَنِّي الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ تَمَنِّيهِ إِسْلَامَ أُمَّتِهِ وَطَاعَتَهُمْ لِلَّهِ وَلِرُسُلِهِ، وَمَفْعُولُ أَلْقَى مَحْذُوفٌ فَعَلَى أَنْ تَمَنَّى بِمَعْنَى: أَحَبَّ إِيمَانَ أُمَّتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute