للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْكُفَّارِ ; لِأَنَّهُ وَقْتُ الْجَزَاءِ وَالْوُصُولِ إِلَى الْعَذَابِ لِلتَّحْذِيرِ مِنْهُ. اهـ.

فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي «رَجْعِهِ» عَائِدٌ لِلْإِنْسَانِ، أَيْ: بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْبَعْثِ، وَأَنَّ الْعَامِلَ هُوَ: «لَقَادِرٌ» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ

تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ [١٠ \ ٣٠] ، وَسَاقَ عِنْدَهَا هَذِهِ الْآيَةَ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي سُورَةِ «الْعَادِيَاتِ» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ [١٠٠ \ ٩ - ١٠] . وَقَدْ أَجْمَلَ ابْتِلَاءَ السَّرَائِرِ.

وَكَذَلِكَ أَجْمَلَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بِإِيرَادِ الْآيَاتِ.

وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَمَانَةُ التَّكْلِيفِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، وَمَثَّلُوا لِذَلِكَ: بِالْحِفَاظِ عَلَى الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ، وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَحِفْظِ الصَّوْمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَمِنْهُ الْعَقَائِدُ وَصِدْقُ الْإِيمَانِ أَوِ النِّفَاقُ، عِيَاذًا بِاللَّهِ.

وَالسَّرَائِرُ: هِيَ كُلُّ مَا يُخْفِيهِ الْإِنْسَانُ حَتَّى فِي الْمُعَامَلَاتِ مَعَ النَّاسِ، كَمَا فِي الْأَثَرِ: «الْكَيِّسُ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَبِيئَةُ سِرٍّ» ، وَقَوْلِهِ: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ [٦٧ \ ١٣] ، فَالسِّرُّ ضِدُّ الْجَهْرِ، وَقَالَ الْأَحْوَصُ:

سَيَبْقَى لَهَا فِي مُضْمَرِ الْقَلْبِ وَالْحَشَا ... سَرِيرَةُ وُدٍّ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ

قَالَ أَبُو حَيَّانَ: سَمِعَهُ الْحَسَنُ، فَقَالَ: مَا أَغْفَلَهُ عَمَّا فِي السَّمَاءِ وَالطَّارِقِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ

قَالُوا: لَيْسَ مِنْ قُوَّةٍ فِي نَفْسِهِ لِضَعْفِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [١٨ \ ٤٨] .

وَقَوْلُهُ: خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ [٦٨ \ ٤٣] ، أَيْ: مِنَ الضَّعْفِ وَشِدَّةِ الْخَوْفِ، وَلَا نَاصِرَ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا [١٨ \ ٤٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>