للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ - تَعَالَى -: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ [٣٨ \ ٥٢] . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مُفْرَدَ الْأَزْوَاجِ زَوْجٌ بِلَا هَاءٍ، وَأَنَّ الزَّوْجَةَ بِالتَّاءِ لُغَةٌ لَا لَحْنٌ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَحْنٌ مِنْ لَحْنِ الْفُقَهَاءِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا أَصَلَ لَهُ فِي اللُّغَةِ.

وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةٌ عَرَبِيَّةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

وَإِنَّ الَّذِي يَسْعَى لِيُفْسِدَ زَوْجَتِي ... كَسَاعٍ إِلَى أَسَدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُهَا

وَقَوْلُ الْحَمَاسِيِّ:

فَبَكَى بَنَاتِي شَجُوَهُنَّ وَزَوْجَتِي ... وَالظَّاعِنُونَ إِلَيَّ ثُمَّ تَصَدَّعُوا

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي صَفِيَّةَ: «إِنَّهَا زَوْجَتِي» .

وَقَوْلُهُ: تُحْبَرُونَ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ رَاجِعَةٌ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يُكْرَمُونَ بِأَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ وَأَتَمِّهَا.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ.

قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ، وَجَمِيعُ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا الْأَنْعَامُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ بِأَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالتَّحَلِّي بِهِمَا، وَلُبْسُ الْحَرِيرِ، وَمِنْهُ السُّنْدُسُ وَالْإِسْتَبْرَقُ، وَفِي سُورَةِ «النَّحْلِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا [١٦ \ ١٤] .

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.

ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ كُلَّ مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ، وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ، أَيْ تَلْتَذُّ بِهِ الْأَعْيُنُ، أَيْ بِرُؤْيَتِهِ لِحُسْنِهِ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ [٢ \ ٦٩] . وَأَسْنَدَ اللَّذَّةَ إِلَى الْعَيْنِ، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مُسْنَدَةٌ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ، كَإِسْنَادِ الْكَذِبِ وَالْخَطِيئَةِ إِلَى النَّاصِيَةِ، وَهِيَ مُقَدَّمُ شَعْرِ الرَّأْسِ، فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ [٩٦ \ ١٦] وَكَإِسْنَادِ الْخُشُوعِ وَالْعَمَلِ وَالنَّصَبِ إِلَى الْوُجُوهِ، فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ الْآيَةَ [٨٨ \ ٢ - ٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>