للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُ الْعَجَّاجِ:

وَرُبَّ أَسْرَابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ ... عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ

وَيَرْجِعُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: كَاظِمِينَ أَيْ: لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ اللَّهُ، وَقَالَ الصَّوَابَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا [٧٨ \ ٣٨] .

وَقَوْلُهُ: كَاظِمِينَ حَالٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقُلُوبِ عَلَى الْمَعْنَى. وَالتَّقْدِيرُ: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ، أَيْ: إِذْ قُلُوبُهُمْ لَدَى حَنَاجِرِهِمْ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ كَاظِمِينَ، أَيْ: مُمْتَلِئِينَ خَوْفًا وَغَمًّا وَحُزْنًا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ نَفْسِ الْقُلُوبِ ; لِأَنَّهَا وُصِفَتْ بِالْكَظْمِ الَّذِي هُوَ صِفَةُ أَصْحَابِهَا.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ [١٢ \ ٤] فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، عَلَى الْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ صِفَةَ الْعُقَلَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ، وَالْمُسَوِّغُ لِذَلِكَ وَصْفُهُ الْكَوَاكِبَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بِصِفَةِ الْعُقَلَاءِ الَّتِي هِيَ السُّجُودُ.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ [٢٦ \ ٤] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [٤١ \ ١١] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ. قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَأَحَلْنَا عَلَيْهِ مِرَارًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ. قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى مَا يُمَاثِلُهُ مِنَ الْآيَاتِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ هُودٍ وَفِي غَيْرِهَا وَأَحَلْنَا عَلَيْهِ أَيْضًا مِرَارًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ. ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّهُ أَرْسَلَ نَبِيَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، بِآيَاتِهِ وَحُجَجِهِ الْوَاضِحَةِ كَالْعَصَا وَالْيَدِ الْبَيْضَاءِ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>