وَذَكَرَ نَظِيرَهُ عَنْ شُعَيْبٍ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ فِي قَوْلِهِ: بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ اهـ.
وَقَدْ أَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَاتِ الْمَاضِيَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ.
لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَذِهِ الْمَوْعِدَةَ الَّتِي وَعَدَهَا إِيَّاهُ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهَا فِي سُورَةِ «مَرْيَمَ» بِقَوْلِهِ: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْثَ هَذَا الرَّسُولِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَنْفُسِنَا الَّذِي هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُشْعِرَةِ بِغَايَةِ الْكَمَالِ، وَغَايَةِ شَفَقَتِهِ عَلَيْنَا - هُوَ أَعْظَمُ مِنَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَجْزَلُ نِعَمِهِ عَلَيْنَا، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ الْآيَةَ [٣ \ ١٦٤] ، وَقَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [١٤ \ ٢٨] وَقَوْلِهِ: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [٢١ \ ١٠٧] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
أَمَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ جَلَّ وَعَلَا.
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُمْتَثِلٌ ذَلِكَ، فَهُوَ سَيِّدُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ، وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، هُوَ شَأْنُ إِخْوَانِهِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ.
كَمَا بَيَّنَ تَعَالَى ذَلِكَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ عَنْ هُودٍ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِي إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ الْآيَةَ [١١ \ ٥٤ - ٥٦] وَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نُوحٍ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ جُمْلَةِ الرُّسُلِ: وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute