بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ مُحَمَّدٍ
سُورَةُ الْقِتَالِ وَهِيَ سُورَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ.
قَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنَ الصُّدُودِ ; لِأَنَّ صَدَّ فِي الْآيَةِ لَازِمَةٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنَ الصَّدِّ ; لِأَنَّ صَدَّ فِي الْآيَةِ مُتَعَدِّيَةٌ.
وَعَلَيْهِ فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيْ صَدُّوا غَيْرَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، أَيْ عَنِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَخِيرُ هُوَ الصَّوَابُ ; لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ صَدَّ لَازِمَةٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ: كَفَرُوا ; لِأَنَّ الْكُفْرَ هُوَ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الصُّدُودِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ صَدَّ مُتَعَدِّيَةٌ فَلَا تَكْرَارَ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ ضَالُّونَ فِي أَنْفُسِهِمْ، مُضِلُّونَ لِغَيْرِهِمْ بِصَدِّهِمْ إِيَّاهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ «النَّحْلِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ الْآيَةَ [١٦ \ ٩٧] ، أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا دَارَ بَيْنَ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْسِيسِ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى التَّأْسِيسِ، إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ أَيْ أَبْطَلَ ثَوَابَهَا، فَمَا عَمِلَهُ الْكَافِرُ مِنْ حَسَنٍ فِي الدُّنْيَا، كَقَرْيِ الضَّيْفِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَحَمْيِ الْجَارِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَالتَّنْفِيسِ عَنِ الْمَكْرُوبِ، يَبْطُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَضْمَحِلُّ وَيَكُونُ لَا أَثَرَ لَهُ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute