بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ يُونُسَ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ الْآيَةَ.
ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشُرْبِ الْحَمِيمِ، وَبِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وَالْحَمِيمُ: الْمَاءُ الْحَارُّ، وَذَكَرَ أَوْصَافَ هَذَا الْحَمِيمِ فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [٥٥ \ ٤٤] ، وَقَوْلِهِ: وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [٤٧ \ ١٥] ، وَقَوْلِهِ: يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ [٢٢ \ ١٩، ٢٠] ، وَقَوْلِهِ: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ الْآيَةَ [١٨ \ ٢٩] ، وَقَوْلِهِ: فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ [٥٦ \ ٥٤، ٥٥] .
وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يُسْقَوْنَ صَدِيدٌ، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ الْآيَةَ [١٤ \ ١٦] :
وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُمْ يُسْقَوْنَ مَعَ الْحَمِيمِ الْغَسَّاقَ، كَقَوْلِهِ: هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ [٣٨ \ ٥٧، ٥٨] ، وَقَوْلِهِ: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا [٧٨ \ ٢٤، ٢٥] ، وَالْغَسَّاقُ: صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ - أَعَاذَنَا اللَّهُ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْهَا - وَأَصْلُهُ مِنْ غَسَقَتِ الْعَيْنُ: سَالَ دَمْعُهَا، وَقِيلَ: هُوَ لُغَةً: الْبَارِدُ الْمُنْتِنُ، وَالْحَمِيمُ الْآنِي: الْمَاءُ الْبَالِغُ غَايَةَ الْحَرَارَةِ، وَالْمُهْلُ: دُرْدِيُّ الزَّيْتِ، أَوِ الْمُذَابُ مِنَ النُّحَاسِ، وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْآيَاتُ الْمُبَيِّنَةُ لِأَنْوَاعِ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ.
ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ سَلَامٌ، أَيْ يُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِذَلِكَ، وَيُسَلِّمُونَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، وَتُسَلِّمُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى هَذَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ الْآيَةَ [٣٣ \ ٤٤] ، وَقَوْلِهِ: وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ الْآيَةَ [١٣ \ ٢٣، ٢٤] ، وَقَوْلِهِ: لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا الْآيَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute