للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَحْثِ وَالْمَعَادِ، وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ الْآيَاتُ الْكَوْنِيَّةُ: الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَالنُّجُومُ. وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بِالسَّابِحَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [٣٦ \ ٤٠] ، «وَالسَّابِقَاتِ» مِنَ النُّجُومِ، السَّيَّارَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا

اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ رَأْيًا لَهُ بَعِيدًا، وَهُوَ أَنَّهَا الْأَرْوَاحُ، وَأَنَّهَا قَدْ تُدَبِّرُ أَمْرَ الْإِنْسَانِ فِي الْمَنَامَاتِ، وَهُوَ قَوْلٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا تَرَى.

وَالَّذِي يَشْهَدُ لَهُ النَّصُّ أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ [٩٧ \ ٤] ، وَكَمَا وَصَفَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِقَوْلِهِ: لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [٦٦ \ ٦] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ

هُمَا النَّفْخَتَانِ فِي الصُّوَرِ، الرَّاجِفَةُ هِيَ الْأُولَى، وَالرَّادِفَةُ هِيَ الثَّانِيَةُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [٣٩ \ ٦٨] .

وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي سُورَةِ «يس» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ [٣٦ \ ٥١] ، وَسُمِّيَتِ الْأُولَى الرَّاجِفَةُ ; لِمَا يَأْخُذُ الْعَالَمَ كُلَّهُ مِنْ شِدَّةِ الرَّجْفَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً [٦٩ \ ١٤] ، وَقَوْلِهِ: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ [٣٩ \ ٦٨] .

وَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِسَنَدِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «جَاءَتِ الرَّجْفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتِي كُلَّهَا عَلَيْكَ؟ قَالَ:» إِذَنْ يَكْفِيكَ اللَّهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ «وَسَنَدُهُ قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَدِيثَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>