للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حِرْصًا عَلَيْهِ أَوْ بُخْلًا بِهِ، حِرْصًا عَلَيْهِ بِالسَّعْيِ إِلَيْهِ بِسَبَبِهِمْ، فَقَدْ يُفْتَنُ فِي ذَلِكَ، وَشُحًّا بِهِ بَعْدَ تَحْصِيلِهِ فَقَدْ يُعَادُونَهُ فِيهِ.

وَالْعِلَاجُ النَّاجِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْإِنْفَاقُ وَتَوَقِّي الشُّحِّ، وَالشُّحُّ مِنْ جِبِلَّةِ النَّفْسِ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ [٤ \ ١٢٨] ، وَفِي إِضَافَةِ الشُّحِّ إِلَى النَّفْسِ مَعَ إِضَافَةِ الْهِدَايَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ إِلَى الْقَلْبِ سِرٌّ لِطَيْفٌ، وَهُوَ أَنَّ الشُّحَّ جِبِلَّةُ الْبَشَرِيَّةِ، وَالْهِدَايَةَ مِنْحَةٌ إِلَهِيَّةٌ، وَالْأُولَى قُوَّةٌ حَيَوَانِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ قُوَّةٌ رُوحِيَّةٌ.

فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُغَالِبَ بِالْقُوَّةِ الرُّوحِيَّةِ مَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ قُوَّةٍ بَشَرِيَّةٍ ; لِيَنَالَ الْفَلَاحَ وَالْفَوْزَ، كَمَا أَشَارَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. ثُمَّ قَالَ: وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [١٨ \ ٤٦] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا.

أَيْ: لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، وَلَا كَقَوْمِ نُوحٍ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمْ: وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا [٧١ \ ٧] .

وَقَدْ نَدَّدَ بِقَوْلِ الْكُفَّارِ: لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ [٤١ \ ٢٦] .

قَالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ -: اسْمَعُوا مَا يُقَالُ لَكُمْ، وَأَطِيعُوا فِيمَا سَمِعْتُمْ، لَا كَمَنْ قَبْلَكُمُ الْمُشَارِ إِلَيْهِمْ بِالْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ.

قَالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ -: قَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ يُضَاعِفُ الْإِنْفَاقَ سَبْعَمِائَةٍ إِلَى أَكْثَرَ بِقَوْلِهِ: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ، إِلَى قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ [٢ \ ٢٦١] .

وَأَصْلُ الْقَرْضِ فِي اللُّغَةِ: الْقَطْعُ وَفِي الشَّرْعِ قَطْعُ جُزْءٍ مِنَ الْمَالِ يُعْطِيهِ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ، أَيْ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرُدُّ أَضْعَافًا، وَقَدْ سَمَّى مُعَامَلَتَهُ مَعَ عَبِيدِهِ قَرْضًا وَبَيْعًا وَشِرَاءً وَتِجَارَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>