الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فِي التَّلْبِيَةِ فِي بَيَانِ أَوَّلِ وَقْتِهَا وَوَقْتِ انْتِهَائِهَا وَفِي حُكْمِهَا وَكَيْفِيَّةِ لَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا:
أَمَّا لَفْظُهَا: فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي تَلْبِيَتِهِ، إِذَا أَهَلَّ مُحْرِمًا " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ " وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَةُ إِلَى قَوْلِهِ: " إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ " وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى لَفْظِ التَّلْبِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ. وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ بِأَلْفَاظٍ فِيهَا تَعْظِيمُ اللَّهِ، وَدُعَاؤُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَكَرِهَ بَعْضُهُمُ: الزِّيَادَةَ، عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، انْتَهَى مِنْهُ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ ابْنِ حَجَرٍ فِي " الْفَتْحِ ".
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمُ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: الَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الِاقْتِدَاءُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالِاقْتِصَارُ عَلَى لَفْظِ تَلْبِيَتِهِ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [٣٣ \ ٢١] وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " وَأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا بَأْسَ بِهَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَهُ بِلَفْظِ تَلْبِيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَذْكُورَةِ قَالَ: قَالَ نَافِعٌ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَزِيدُ مَعَ هَذَا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ لَبَّيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ، وَالْعَمَلُ. وَقَالَ مُسْلِمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute