وَمِنْهَا: الشَّفَاعَةُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ مَنْ تُفْتَحُ لَهُ الْجَنَّةُ، وَأَنَّ رِضْوَانَ خَازِنَ الْجَنَّةِ يَقُولُ لَهُ: أُمِرْتُ أَلَّا أَفْتَحَ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ» .
وَمِنْهَا: الشَّفَاعَةُ الْمُتَعَدِّدَةُ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ فِي النَّارِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «لَا أَرْضَى وَأَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي فِي النَّارِ» أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا شَفَاعَتَهُ، وَيُورِدَنَا حَوْضَهُ. آمِينَ.
وَشَفَاعَتُهُ الْخَاصَّةُ فِي الْخَاصِّ فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِهَا مَا كَانَ فِيهِ.
وَمِنْهَا: شَهَادَتُةُ عَلَى الرُّسُلِ، وَشَهَادَةُ أُمَّتِهِ عَلَى الْأُمَمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذِهِ بِلَا شَكٍّ عَطَايَا مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِحَبِيبِهِ وَصَفِيِّهِ الْكَرِيمِ، - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ -، وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبَهُ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
تَنْبِيهٌ.
اللَّامُ فِي وَلَلْآخِرَةُ وَفِي وَلَسَوْفَ لِلتَّأْكِيدِ وَلَيْسَتْ لِلْقَسَمِ، وَهِيَ فِي الْأَوَّلِ دَخَلَتْ عَلَى الْمُبْتَدَأِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: لَأَنْتَ سَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى. قَالَهُ أَبُو حَيَّانَ وَأَبُو السُّعُودِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى
تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى الْيَتِيمِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا [٧٦ \ ٨] .
وَالرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ أَبُوهُ، وَهُوَ حَمْلٌ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَمَاتَتْ أُمُّهُ وَهِيَ عَائِدَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ بِالْأَبْوَاءِ وَعُمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ يُتْمَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَقٌّ عَلَيْهِ، نَقَلَهُ أَبُو حَيَّانَ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ يُتْمَهُ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ، أَيْ: لِيَتَوَلَّى اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهُ مِنْ صِغَرِهِ، وَتَقَدَّمَ مَعْنَى إِيوَاءِ اللَّهِ لَهُ، فَكَانَ يُتْمُهُ لِإِبْرَازِ فَضْلِهِ ; لِأَنَّ يَتِيمَ الْأَمْسِ أَصْبَحَ سَيِّدَ الْغَدِ، وَكَافِلَ الْيَتَامَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى