للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْرِ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ ; كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [١٧ \ ٢٣] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ يَعْنِي أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: آمَنَّا بِاللَّهِ بِلِسَانِهِ، فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ، أَيْ: آذَاهُ الْكُفَّارُ إِيذَاءَهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ صَارِفَةً لَهُ عَنِ الدِّينِ إِلَى الرِّدَّةِ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ ; كَعَذَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ صَارِفٌ رَادِعٌ عَنِ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي. وَمَعْنَى فِتْنَةَ النَّاسِ، الْأَذَى الَّذِي يُصِيبُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، وَإِيذَاءُ الْكُفَّارِ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْوَاعِ الِابْتِلَاءِ الَّذِي هُوَ الْفِتْنَةُ، وَهَذَا قَالَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.

وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [٢٢ \ ١١] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ. ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: آمَنَّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَمْ تُؤْمَنْ قُلُوبُهُمْ، إِذَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكُفَّارِ أَذًى، وَهُمْ مَعَهُمْ جَعَلُوا فِتْنَةَ لِلنَّاسِ، أَيْ: أَذَاهُمْ كَعَذَابِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ إِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَنَصَرَهُمْ عَلَى الْكُفَّارِ، وَهَزَمُوهُمْ وَغَنِمُوا مِنْهُمُ الْغَنَائِمَ، قَالَ أُولَئِكَ الْمُنَافِقُونَ: أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ، يَعْنُونَ: أَنَّهُمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ، يُرِيدُونَ أَخْذَ نَصِيبِهِمْ مِنَ الْغَنَائِمِ.

وَهَذَا الْمَعْنَى جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>