فَيُعْطِيكَهَا سُنْبُلَةً، وَالنَّوَاةَ فَيُعْطِيكَهَا نَخْلَةً.
وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ قَدْرَ الطِّينِ فَانْظُرْ إِلَى الرِّيَاضِ النَّاضِرَةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الثِّمَارِ اللَّذِيذَةِ، وَالْأَزْهَارِ الْجَمِيلَةِ، وَالرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ تَعْلَمُ أَنَّ الطِّينَ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ.
الثَّالِثُ: أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا تَسْلِيمًا جَدَلِيًّا أَنَّ النَّارَ خَيْرٌ مِنَ الطِّينِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ خَيْرٌ مِنْ آدَمَ ; لِأَنَّ شَرَفَ الْأَصْلِ لَا يَقْتَضِي شَرَفَ الْفَرْعِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ الْأَصْلُ رَفِيعَ الْفَرْعِ وَضِيعًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: [الْبَسِيطُ]
إِذَا افْتَخَرْتَ بِآبَاءٍ لَهُمْ شَرَفٌ ... قُلْنَا صَدَقْتَ وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُوا
وَقَالَ الْآخَرُ: [الْمُتَقَارِبُ]
وَمَا يَنْفَعُ الْأَصْلُ مِنْ هَاشِمٍ ... إِذَا كَانَتِ النَّفْسُ مِنْ بَاهِلَهْ
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ) لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَا هَذِهِ الْكَلِمَاتُ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهَا فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» ، بِقَوْلِهِ: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الْآيَةَ ٢٣] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَا هَذِهِ النِّعْمَةُ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهَا فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) [٢ \ ٥٧] ، وَقَوْلِهِ: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [٢٨ \ ٥، ٦] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَا عَهْدُهُ وَمَا عَهْدُهُمْ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَقَوْلِهِ: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [٥ \ ١٢] فَعَهْدُهُمْ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) وَعَهْدُهُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute