الْقُرْآنَ مَهْجُورًا، أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا الْآيَةَ [٢٥ \ ٣١] تَسْلِيَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَيْ: كَمَا جَعَلْنَا الْكُفَّارَ أَعْدَاءً لَكَ يُكَذِّبُونَكَ، وَيَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ الَّذِي أُنْزِلُ إِلَيْكَ مَهْجُورًا، كَذَلِكَ الْجَعْلُ: جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا، أَيْ: جَعَلْنَا لَكَ أَعْدَاءً، كَمَا جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا الْآيَةَ، قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فِي «الْأَنْعَامِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ الْآيَةَ [٦ \ ١١٢] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا، قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ مُسْتَوْفًى عَلَى كَفَى اللَّازِمَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ بِشَوَاهِدِهِ الْعَرَبِيَّةِ فِي سُورَةِ «الْإِسْرَاءِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [١٧ \ ٤١] وَقَوْلُهُ: وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا، جَاءَ مَعْنَاهُ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ; كَقَوْلِهِ: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي [١٧ \ ٩٧] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى [٦ \ ٧١] وَقَوْلُهُ: وَنَصِيرًا، أَيْ: وَكَفَى بِرَبِّكَ نَصِيرًا، جَاءَ مَعْنَاهُ أَيْضًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ [٣ \ ١٦٠] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا.
تَقَدَّمَتِ الْآيَاتُ الَّتِي بِمَعْنَاهُ فِي آخِرِ سُورَةِ «الْإِسْرَاءِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ الْآيَةَ [١٧ \ ١٠٦] وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ، أَيْ: كَذَلِكَ الْإِنْزَالُ مُفَرَّقًا بِحَسَبِ الْوَقَائِعِ أَنْزَلْنَاهُ لَا جُمْلَةً كَمَا اقْتَرَحُوا، وَقَوْلُهُ: لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ، أَيْ: أَنْزَلْنَاهُ مُفَرَّقًا، لِنُثَبِّتَ فُؤَادَكَ بِإِنْزَالِهِ مُفَرَّقًا.
قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ لِنُقَوِّيَ بِتَفْرِيقِهِ فُؤَادَكَ عَلَى حِفْظِهِ ; لِأَنَّ حِفْظَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَسْهَلُ مِنْ حِفْظِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَوْ نَزَلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أُمِّيٌّ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute