للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ تَعَالَى: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا.

قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الرَّعْدِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا الْآيَةَ [١٣ \ ٢] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ.

قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «الرَّعْدِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ الْآيَةَ [١٣ \ ١٦] ، وَفِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْفُرْقَانِ» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى أَنَّ الشِّرْكَ ظُلْمٌ عَظِيمٌ.

وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى ذَلِكَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [١٠ \ ١٠٦] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [٢ \ ٢٥٤] ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ فَسَّرَ الظُّلْمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [٦ \ ٨٢] ، بِأَنَّهُ الشِّرْكُ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هُنَا: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا سَابِقًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ.

مَعْنَاهُ: لَا تَتَكَبَّرْ عَلَى النَّاسِ، فَفِي الْآيَةِ نَهْيٌ عَنِ التَّكَبُّرِ عَلَى النَّاسِ، وَالصُّعْرُ: الْمَيْلُ، وَالْمُتَكَبِّرُ يُمِيلُ وَجْهَهُ عَنِ النَّاسِ مُتَكَبِّرًا عَلَيْهِمْ مُعْرِضًا عَنْهُمْ، وَالصُّعْرُ: الْمَيْلُ، وَأَصْلُهُ: دَاءٌ يُصِيبُ الْبَعِيرَ يَلْوِي مِنْهُ عُنُقَهُ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمُتَكَبِّرِ يَلْوِي عُنُقَهُ وَيُمِيلُ خَدَّهُ عَنِ النَّاسِ تَكَبُّرًا عَلَيْهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ حُنَيٍّ التَّغْلِبِيِّ:

وَكُنَّا إِذَا الْجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... أَقَمْنَا لَهُ مِنْ مَيْلِهِ فَتَقَوَّمَا

وَقَوْلُ أَبِي طَالِبٍ:

وَكُنَّا قَدِيمًا لَا نُقِرُّ ظُلَامَةً ... إِذَا مَا ثَنَوْا صُعْرَ الرُّءُوسِ نُقِيمُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>