للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي السِّيَاقِ: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا [٧٨ \ ١٧] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا

قُرِئَ بِالْإِفْرَادِ، «مَهْدًا» أَيْ: كَالْمَهْدِ لِلطِّفْلِ، وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا

تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، كَوْنُ النَّوْمِ سُبَاتًا: رَاحَةً أَوْ مَوْتًا، وَاللَّيْلِ لِبَاسًا: سَاتِرًا وَمُرِيحًا، وَالنَّهَارِ مَعَاشًا: لِطَلَبِ الْمَعَاشِ، وَذَلِكَ عِنْدَ كَلَامِهِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ «الْفُرْقَانِ» : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا [٢٥ \ ٤٧] ، وَكُلُّهَا آيَاتٌ دَالَّاتٌ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَعْثِ، كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا

أَيِ: السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ «ق» : أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ [٥٠ \ ٦] ، وَسَاقَ النُّصُوصَ مُمَاثِلَةً هُنَاكَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا

النَّفْخُ فِي الصُّورِ لِلْبَعْثِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ، وَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا: قَدْ بَيَّنَ حَالَ هَذَا الْمَجِيءِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا [٧٠ \ ٤٣] ، وَقَوْلِهِ: كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي [٥٤ \ ٧ - ٨] ، وَالْأَفْوَاجُ هُنَا قِيلَ: الْأُمَمُ الْمُخْتَلِفَةُ كَقَوْلِهِ: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ الْآيَةَ [١٧ \ ٧١] ، وَلَكِنَّ الْآيَةَ بِتَاءِ الْخِطَابِ: فَتَأْتُونَ مِمَّا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَفْوَاجَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ.

وَقَدْ رَوَى الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ أَثَرًا عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، سَأَلْتَ عَنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ مِنَ الْأُمُورِ» ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ: «تُحْشَرُ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مِنْ أُمَّتِي» وَسَاقَهَا، وَكَذَلِكَ سَاقَهَا الزَّمَخْشَرِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْكَافِي الشَّافِي فِي تَخْرِيجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>