[١٥ \ ٤٥] ، وَقَوْلِهِ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ [٥٢ \ ١٧] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَمْتَثِلُونَ أَوَامِرَ رَبِّهِمْ، وَيَجْتَنِبُونَ نَوَاهِيَهُ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ; أَيْ: يَقْبِضُونَ أَرْوَاحَهُمْ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ طَيِّبِينَ، أَيْ: طَاهِرِينَ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي - عَلَى أَصَحِّ التَّفْسِيرَاتِ - وَيُبَشِّرُونَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ.
وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; كَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [٤١ \ ٣٠] ، وَقَوْلِهِ: وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [٣٩ \ ٧٣] ، وَقَوْلِهِ: وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [١٣ \ ٢٣ - ٢٤] ، وَالْبِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَعِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهَا بِشَارَةٌ بِالْخَيْرِ بَعْدَ الِانْتِقَالِ إِلَى الْآخِرَةِ. وَيُفْهَمُ مِنْ صِفَاتٍ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ: سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخَلُوا الْجَنَّةَ - أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَتَّصِفُوا بِالتَّقْوَى لَمْ تَتَوَفَّهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ الْكَرِيمَةِ، وَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ تُبَشِّرْهُمْ.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى هَذَا الْمَفْهُومَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ ; كَقَوْلِهِ: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ الْآيَةَ [١٦ \ ٢٨] ، وَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ، إِلَى قَوْلِهِ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [٤ \ ٩٧] ، وَقَوْلِهِ: وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ الْآيَةَ [٨ \ ٥٠] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَوْلِهِ: تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ [١٦ \ ٢٨] ، وَقَوْلِهِ: تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ [١٦ \ ٣٢] ، قَرَأَهُمَا عَامَّةُ الْقُرَّاءِ غَيْرَ حَمْزَةَ: «تَتَوَفَّاهُمْ» بِتَاءَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ «يَتَوَفَّاهُمْ» بِالْيَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
تَنْبِيهٌ.
أَسْنَدَ هُنَا - جَلَّ وَعَلَا - التَّوَفِّيَ لِلْمَلَائِكَةِ فِي قَوْلِهِ: تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ [١٦ \ ٣٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute