وَمَعْنَى أَبْقَى أَكْثَرُ بَقَاءً.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا.
ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: إِنَّهُ أَيِ: الْأَمْرُ وَالشَّأْنُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُجْرِمًا أَيْ: مُرْتَكِبًا الْجَرِيمَةَ فِي الدُّنْيَا حَتَّى مَاتَ عَلَى ذَلِكَ كَالْكَافِرِ عِيَاذًا بِاللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ جَهَنَّمَ يُعَذَّبُ فِيهَا فَـ لَا يَمُوتُ فَيَسْتَرِيحُ وَلَا يَحْيَا حَيَاةً فِيهَا رَاحَةٌ.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا أُوَضِّحُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: كَقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ [٣٠ ٣٦] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [١٤ ١٥ - ١٧] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ [٤ ٥٦] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا [٨٧ ١١ - ١٣] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [٤٣ ٧٧] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَحَدِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ:
أَلَا مَنْ لِنَفْسٍ لَا تَمُوتُ فَيَنْقَضِي ... شَقَاهَا وَلَا تَحْيَا حَيَاةً لَهَا طَعْمُ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا.
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: «أَنَّ» وَمَنْ يَأْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ أَيْ: فِي الدُّنْيَا حَتَّى مَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَأُولَئِكَ لَهُمُ عِنْدَ اللَّهِ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا وَالْعُلَا: جَمْعُ عُلْيَا وَهِيَ تَأْنِيثُ الْأَعْلَى. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا [١٧ ٢١] وَقَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [٦ ١٣٢] وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى.
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. أَنَّهُ أَوْحَى إِلَى نَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute