للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَعْنَى هَادُوا أَيْ: رَجَعُوا بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ [٧ \ ١٥٦] ، وَكَانَ رُجُوعُهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ: حَيْثُ سَلَّمُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْقَتْلِ تَوْبَةً وَإِنَابَةً إِلَى اللَّهِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِلَى قَوْلِهِ فَتَابَ عَلَيْكُمْ [٢ \ ٥٤] .

وَقَوْلُهُ: إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.

قَالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي: إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي زَعْمِكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ، وَأَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ دُونَ غَيْرِكُمْ مِنَ النَّاسِ، فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ: لِأَنَّ وَلِيَّ اللَّهِ حَقًّا يَتَمَنَّى لِقَاءَهُ، وَالْإِسْرَاعَ إِلَى مَا أَعَدَّ لَهُ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ. اهـ.

وَفِي قَوْلِهِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - إِشَارَةٌ إِلَى بَيَانِ زَعْمِهِمِ الْمُجْمَلِ فِي الْآيَةِ وَهُوَ مَا بَيَّنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ عَنْهُمْ وَعَنِ النَّصَارَى مَعَهُمْ: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [٥ \ ١٨] .

وَقَدْ رَدَّ زَعْمَهُمْ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ.

وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ إِنْ زَعَمْتُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [٢ \ ٩٤] .

وَقَالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ -: وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالتَّمَنِّي الْمُبَاهَلَةُ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ إِظْهَارُ كَذِبِ الْيَهُودِ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ.

وَقَوْلُهُ: إِنْ زَعَمْتُمْ مَعَ قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ شَرْطَانِ يَتَرَتَّبُ الْأَخْذُ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ، إِنْ زَعَمْتُمْ، إِنْ صَدَقْتُمْ فِي زَعْمِكُمْ، وَنَظِيرُهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

إِنْ تَسْتَغِيثُوا بِنَا إِنْ تَذْعَرُوا تَجِدُوا ... مِنَّا مَعَاقِلَ عِزٍّ زَانَهَا كَرَمُ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>